أما الفيزياء والأبواب العلمية التي كانت تدرس في مدرسة الإمام الباقر (عليه السلام)، فكانت تدور حول فيزياء أرسطو، والفيزياء عند أرسطو تضم علوما شتى كالميكانيكا، وعلم الحيوان وعلم النبات والجيولوجيا، وإن كان العلماء في يومنا هذا لا يعدون علم الحيوان وعلم النبات من علوم الفيزياء.
ولكن، إذا كان مدلول الفيزياء يعني علم الأشياء، فقد كان أرسطو محقا في اعتبار هذه العلوم جميعا جزءا من الفيزياء.
وأغلب الظن أن هذا العلم وصل إلى شبه الجزيرة العربية بنفس الأسلوب الذي وصلت به علوم الهندسة والجغرافيا، أي عن طريق أقباط مصر، وهناك من يعتقد بأن الطب انتقل من مدرسة الإسكندرية إلى مدرسة الإمام الباقر (عليه السلام)، على أنه ينبغي ألا يغيب عن أذهاننا أنه بحلول هذا الوقت لم يعد باقيا أي أثر من آثار مدرسة الإسكندرية أو الحركة العلمية بهذه المدينة أو مكتبتها العامرة الشهيرة، وقصارى ما بقي في متناول الناس هو بعض الكتب المستنسخة من مكتبة الإسكندرية، أو بعض ما بقي على قيد الحياة من تلاميذ هذه المدرسة، ولا سيما دعاة الفلسفة الأفلاطونية الجديدة، وقد انتهى إلينا فعلا ما سجلوه عن هذه الفلسفة ونقلوه جيلا بعد جيل.
تعلم جعفر الصادق (عليه السلام) الفيزياء والجغرافيا في مدرسة والده الإمام الباقر (عليه السلام). وقد أوردنا في ما تقدم نقده لنظرية بطليموس بشأن دوران الشمس حول الأرض، وملاحظاته عليها، وخروجه بنظرية علمية أخرى قلبت النظرية السابقة.
وكان مما سمعه من والده الإمام الباقر (عليه السلام) في درس الفيزياء رأي أرسطو في أصل الكون، وإنه يتألف من عناصر أربعة هي: التراب، والماء، والهواء،