موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ٩ - الصفحة ٢٣١
والنار (1). فأبدى جعفر الصادق (عليه السلام) استغرابه لأن أرسطو لم ينتبه إلى أن العناصر الأربعة ومنها التراب ليست عناصر بسيطة غير قابلة للتجزئة، وقال إن التراب مركب من أجزاء وعناصر كثيرة، منها الحديد وهو بدوره مركب من أجزاء
(1) القول بالعناصر الأربعة، أو جوهر الكون يرجع تأريخه إلى المذاهب الفلسفية الأولى في اليونان، أي مع ظهور المذهب الأيوني.
وقد حاول الأيونيون أن يردوا الأجسام المختلفة في الكون إلى أصل جوهري أو عنصر واحد، فزعم أولهم طاليس المالطي (624 - 545 ق. م) الذي تعلم الهندسة في مصر، والفلك في بابل، واشترك مع قومه اليونانيين في قتال الفرس، زعم أن أصل الكون هو المادة، وأكد خلفه اناكسيمندر أن هذا العنصر غير معين ولا محدود، وزعم اناكسيمانس بعدهما أنه الهواء، وظن هراقليطس أنه النار.
وأجمعوا على أنه لا ينشأ شيء من العدم، ولا ينعدم شيء موجود، وإن كل ما نراه حولنا كان موجودا منذ الأزل - بمادته لا بصورته - وسيظل موجودا إلى الأبد (بمادته أيضا وإن تغيرت صورته).
بهذا الرأي عدهم متفلسف و الإسلام في (الدهريين) الذين جحدوا الصانع المدبر للكون.
كما قال الأيونيون أن العناصر الأولى يستحيل بعضها إلى بعض، فيصبح الماء ترابا والهواء نارا الخ (ومن الملاحظ أن ما سموه " عناصر " إنما هو مركبات).
ثم يأتي بعد الأيونيون دور الفلاسفة الطبيعيين المحدثين، ومن هذه الطبقة أنبا ذوقلس الصقلي (483 - 424 ق. م) وكان مولده بصقلية ثم انتقل إلى جنوبي اليونان. وقد قال:
إن العالم مركب من الاسطقسات (العناصر) الأربعة، وهي الماء والهواء والتراب والنار، ولهذه العناصر صفات خاصة ثابتة لا تتبدل ولا تندثر، ولا يستحيل بعضها إلى بعض.
ومن هذه العناصر الأربعة تتكون الأجسام كلها بالتحليل أو بالتركيب. ولمزيد من البحث يراجع كتاب: " تأريخ الفكر العربي " للدكتور عمر فروخ: 59، 78 و 79. (المترجم).