الوجه الثاني.
وكيف كان، فعلى هذا لا يختص النزاع بصيغة النهي، بل يجري في كل طلب متعلق بترك الطبيعة، سواء كان بصيغة النهي أو بصيغة الأمر ك (اترك الزنا)، أو بمادة النهي كقوله: (نهيتك، أو أنهاك عن الزنا، أو أنت منهي عنه)، أو بغير مادته كمادتي الإرادة والطلب المتعلقتين بترك الطبيعة ك (أريد، أو أطلب منك ترك الزنا) أو بمادة الأمر ك (آمرك بترك الزنا، وأنت مأمور بتركه)، وهكذا.
ويمكن أن يكون النزاع في النهي بصيغة النهي، لكن يكون النزاع في اقتضاء هذا النهي للدوام وعدمه في الأعم من اقتضاء الصيغة، فيصح للقائل بالدوام الاستناد إلى كل واحدة من جهتي المادة والهيئة، وعلى المانع إبطال الدلالة من كلتا الجهتين.
الظاهر من بعض المتأخرين، كالمحقق القمي () - قدس سره - ذلك، حيث إنه أجاب عن القائل بالدوام بإبطال الدلالة من كلتا الجهتين، ولم يقتصر على إحداهما.
وكيف كان، فتحرير محل النزاع بينهم ليس بمهم لنا، وإنما المهم تحقيق الحال واختيار ما ينبغي أن يقال علي كل من الجهتين، فنقول:
الحق عدم دلالة صيغة النهي إلا على مجرد طلب ترك الطبيعة - كما في صيغة الأمر - من دون التعرض لها لبيان الدوام أو المرة، وهذا لا ينبغي أن يشك فيه من له أدنى تأمل، فإذن انحصر المقال في تحقيق الحال في المادة المعروضة لها، فنقول:
ينبغي أن نفرض الكلام فيها أولا بالنسبة إلى أفراد الطبيعة الغير