وجهين:
أحدهما: اختلاف الوجوب والاستحباب بحسب الموضوع والمتعلق.
وثانيهما: أن الوجوب المأخوذ هنا هو الوصفي لا الغائي، والأول لا يستلزم بقاء الأمر فعلا، بخلاف الثاني.
وكل من الوجهين كاف في رفع التنافي المذكور. واعتبار الوجوب الوصفي هنا - بمعنى إتيان الفعل ثانيا على أنه هو الواجب مع سقوط الوجوب عنه بالفعل - نظير اعتباره في الصلاة المعادة استحبابا.
قال دام ظله: حكموا بأن من صلى يستحب [له] () إعادة [ما] () فعل أيضا.
قلت: لعله من باب الاحتياط لاحتمال خلل فيما فعله أولا قال: لا، بل قالوا به مطلقا حتى في صورة القطع بصحة ما فعله أولا، وقالوا باستحباب الإعادة بفعله ثانيا بعين فعله أولا، ولم يخصصوا بما إذا كان قد فعل الأول محرزا لبعض الأمور المعتبرة فيه بالأصل، بل في صورة القطع.
أقول: إن في هذا الباب - أيضا - طائفة من الأخبار () دالة عليه، والظاهر أنها دالة على استحباب الإعادة لكون الإتيان بأزيد من دفعة أفضل من الإتيان بالمأمور به مرة واحدة، فيكون من قبيل الأقل والأكثر الذي هو الأفضل من الأقل، فإن الأمر وإن كان يسقط بالأقل، لكن الامتثال بالمعنى المتقدم يقوم بالمجموع لكونه أفضل من الأقل وحده.
ثم إنه على تقدير عدم إمكان ما قدمنا قد ذكرنا أنه لا بد أولا من التأويل