السادس: اختلفوا في دلالة النهي على التكرار على أقوال معروفها قولان:
أحدهما: دلالته عليه مطلقا.
وثانيهما: عدمها مطلقا.
ومرادهم بالتكرار هو الدوام - كما هو المصرح به في كلام بعضهم - لا مجرد مسمى التكرار كما هو أبعد الاحتمالين في كلام القائلين به في الأمر.
ثم إنه يمكن النزاع هنا على حذو ما مر في الأمر، فيكون الكلام في وضع صيغة النهي، فالقائل بدلالته على الدوام يدعي وضعها لخصوص ذلك، والنافي لها ينفي وضعها كذلك ويجعلها للأعم، أو مشتركا بين الدوام والمرة، أو لخصوص المرة.
ويمكن أن يكون في الدلالة الالتزامية، بمعنى أنهم بعد الاتفاق على وضع صيغة النهي لطلب ترك الطبيعة اختلفوا في أن ذلك هل يستلزم الدوام أو لا؟ فيكون النزاع حينئذ راجعا إلى أن الطبيعة المأخوذة في النهي هل هي أخذت على وجه لا يصدق تركها إلا بترك جميع أفرادها المتشخصة بغير الزمان والمتشخصة به - فيكون طلب تركها دالا بالدلالة الالتزامية العقلية على إرادة الدوام، حيث إن فعلها في كل آن وزمان فرد من أفرادها - وأنها أخذت على وجه يصدق تركها بترك بعض أفرادها، فعلى هذا لا يقتضي النهي العموم بالنسبة إلى جميع الأفراد في زمان - أي المتشخصة بغير الزمان - فضلا عن اقتضائه العموم بالنسبة إلى الأفراد المتشخصة به؟ وعلى الثاني: يمكن أن يكون النزاع في وضع المادة المعروضة للنهي بأن يكون الخلاف في أنها هل وضعت للطبيعة مع اعتبارها على الوجه الأول أو