لا معنى للعقاب على ارتكاب خلاف ما يصلح الفاعل إذا لم يكن هناك عصيان لله تعالى.
اللهم إلا أن يتأول في تلك الأدلة بحملها على تجسم الأعمال، كما ورد به أخبار أيضا، بمعنى أن الأعمال السيئة تتجسم في الآخرة بصورة النار، فتأخذ عاملها، والحسنة تتجسم بصورة الخلد والحور والرضوان، فينعم بها عاملها، فيكون الثواب والعقاب بهذين المعنيين من الخواص الذاتية للأفعال المترتبة عليها قهرا، وأوامر الشارع إخبار عن تلك الخاصيات.
لكن يدفعه - مضافا إلى منافاة ذلك لظواهر تلك بل لنصها - أن مذهب التجسم كاد أن يكون خلاف الضرورة من المذهب لقلة القائل به منا.
مضافا إلى عدم تمامية أدلته بحيث يحصل بها الاعتقاد بذلك، حتى تكون تلك قرائن صارفة لتلك الأدلة.
وثالثا - أن أمر الشارع إذا كان معناه مجرد الإخبار عن خاصية ما تعلق به يصح () تعلقه بالممتنعات بالذات - أيضا - لعين ما ذكره المحقق المذكور من صدق أنه فات عنه ما هو اللائق بحاله، مع أنه لم يقل أحد بتعلق أمره بالممتنعات بالذات، فتأمل.
الرابع (): ما أفاد - دام ظله - من أن المستدل إن أراد ببقاء الوجوب بقاء الطلب - وهو الأمر - فنحن نلتزم بارتفاعه، بل لا يعقل بقاؤه ولو حال التمكن من ذي المقدمة، لأنه من الأمور الغير القارة - بمجرد وجوده ينعدم - لكن لا يلزم من ارتفاعه خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا وإلا يجري في جميع الواجبات المطلقة، إذ قبل ورود الأمر بها لا وجوب لها أصلا، وبعد وروده