فعل فعلا جائزا مرخصا فيه من المولى، فامتناعه مسبب من تجويزه تركها، وحينئذ لا يصح العقاب على ترك ذي المقدمة.
هذا بخلاف تقدير وجوبها، فإن الامتناع المذكور حينئذ إنما هو بسوء اختيار المكلف - بالفتح - فيجوز بقاء التكليف بمعنى ثبوت استحقاق العقاب.
وبعبارة أخرى: إن المفروض أن ترك المقدمة علة تامة لترك ذيها، فإن معنى المقدمية هو هذا، أعني كون تركها علة لترك ذيها، فتجويز الشارع لتركها مستلزم لجواز ترك نفس الواجب، إذ لا يعقل تجويز ارتكاب علة شيء والنهي () عن معلوله الذي لا ينفك عنه عقلا، بل هذا التجويز عبارة أخرى عن تجويز ترك الواجب، فلا يعقل هنا استحقاق العبد للعقاب على ترك الواجب.
هذا بخلاف تقدير إيجابه للمقدمة ونهيه عن تركها لبقاء وجوب ذي المقدمة حينئذ بحاله، فيصح العقاب على تركه المسبب من سوء اختيار العبد.
هذا، لكن الإنصاف عدم استقامة هذا الجواب، لما ذكره بعض الأفاضل المحققين () مما حاصله بتوضيح منا:
أن كون إيجاب المقدمة مصححا للعقاب على ترك ذيها، وكذا كون عدم وجوبها موجبا لقبحه كلاهما ممنوع، بل المصحح له إنما هو ترك الواجب مطلقا [1] مع التمكن من الإتيان به بعد تعلق التكليف به، وهذا المناط متحقق في المقام على التقديرين، إذ لا ريب أن. عدم إيجاب المقدمة ليس معناه المنع من إيجادها، وليس مستلزما له أيضا، بل مراد القائل بعدم وجوبها أنه ليس في المقدمة