راجع وجدانه يجد منه أنه يقضي على وجه اليقين بالملازمة بين طلب شيء وبين طلب ما يتوقف حصوله عليه بالمعنى الذي أشرنا إليه في تحرير محل النزاع، بمعنى أنه إذا فرض نفسه طالبا لشيء يجد فيها حالتين مقتضية كل واحدة منهما لطلب آمري مولوي عند الالتفات إليهما.
وبعبارة أخرى: نحن لا نريد إثبات طلب فعلي بمقدمة الواجب كالطلب المتعلق بنفس الواجب، وإنما المقصود إثبات حالة إجمالية في النفس عند طلب شيء لو التفت الطالب إليها وانكشف غطاء إجمالها عنده لكانت تلك الحالة في قالب الطلب التفصيلي بمقدمة ذلك الشيء بالطلب الأمري المولوي المقابل للإرشادي، بمعنى أنها مقتضية لذلك الطلب حينئذ، ويكون هو منبعثا عنها، ونحن نجد من وجداننا بالضرورة عند طلب شيء تلك الحالة.
وبعبارة ثالثة: إنا كما قد نجد من أنفسنا حالة تفصيلية موجبة للطلب الفعلي () بشيء كذلك قد نجد منها حالة إجمالية من الشوق المؤكد إلى شيء، بحيث لو كنا ممن يجب إطاعته على أحد عند العقلاء، كما لو كان لنا عبد، واطلع ذلك العبد على تلك الحالة في أنفسنا مع فرض غفلتنا عنها أيضا لما كان له ترك ذلك الشيء المشتاق إليه، بمعنى أن العقلاء لا يعذرونه في تركه، بل يلزمونه بالإتيان () به، ويصححون المؤاخذة والعقاب على مخالفته لو كان ذلك الشيء مشتاقا إليه نفسا، ووجود تلك الحالة في المطلوبات النفسية مما لا مجال لأحد لإنكارها لوجودها في نفس كل أحد كثيرا مع الغفلة عنها، بحيث لو التفت إليها لأمر بمقتضاها فعلا، وأما بالنسبة إلى المطلوبات الغيرية فنجدها من أنفسنا بالضرورة عند طلبنا لشيء نفسا.