لذلك لعدم سلطانهم على جوارح المأمورين، وأما تعلق غرضه به على نحو الإرادة التشريعية - وهي - مرتبة من الإرادة أدون من التكوينية متعلقة بالفعل من غير إلغاء () اختيار العبد وقدرته، بل تعلقت بصدوره منه عن اختياره - فلا مجال لإنكاره.
فيفارق أمر الشارع أمر () السلطان والحكام من وجهين:
الأول: أن الداعي له في أمرهم هي المصالح العائدة إلى الآمر بخلاف الداعي إليه في أمره تعالى.
والثاني: أن الإرادة المقرونة بالأمر بالنسبة إليهم تكوينية، وبالنسبة إليه تشريعية، وتشتركان في كون كل واحد منهما طلبا مولويا، لا إرشاديا، ولا إخبارا عن المصالح، فيبطل قياسه لأمر الشارع على أوامر الطبيب للمريض، لما عرفت من أنه ليس إرشاديا، سيما () مع جعله أمر الطبيب من مقولة الأخبار عن الخاصية من المصالح والمفاسد، كما ينادي به تفسيره له: بأن اللائق بحاله كذا، وأنه إن فعل كذا فأثره كذا.
فبالجملة: فبعد الإغماض عن فساد تفسيره لأمر الطبيب بما ذكر، نظرا إلى أنه من مقولة الطلب - وإن كان إرشادا - لا الإخبار، نقول:
إن كون أوامر الشارع من مقولة الإخبار عن خاصيات الأفعال يدفعه:
أولا - ظواهر أدلة التكاليف، حيث إنها ظاهرة في الطلب، فإرادة الإخبار منها مناف لظواهرها من غير قرينة عليه.
وثانيا - الأدلة على ثبوت العقاب على مخالفة الأوامر الشرعية، إذ