عنهم: ليقربونا إلى الله زلفى ()، وذلك لكثرة إطلاقها على هذا المعنى في الكتاب العزيز، كما في الآيات المتقدمة الإشارة إليها المذكور فيها لفظ العبادة، وكما في قوله تعالى: فاعبد الله مخلصا له الدين ()، وقوله: ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ()، وقوله: فاعبدوا ما شئتم من دونه ()، وقوله: لا أعبد ما تعبدون، ولا أنتم عابدون ما أعبد ()، بل ولم نقف على موضع من الكتاب يراد بها غير هذا المعنى.
وبالجملة: فهذه الآية مساوقة لسائر الآيات المذكورة فيها لفظ العبادة جدا، فيكون المراد بها بملاحظة اتحاد السياق هو نفي الشرك وتخليص العبودية لله تعالى ليطاع وحده ()، لا أن كل ما أمرهم به طاعة، كما هو الحال في أخواتها أيضا، فالمراد بالعبادة في الآية هو التوحيد الذي هو أس أصول الدين، كما أن الصلاة والزكاة المعطوفتين عليها من أس فروعه [1].
وعلى هذا يصح جعل اللام في ليعبدوا لغاية المأمور به على الوجه الثاني من الوجهين المتقدمين، فيكون المراد: أنه لم يؤمر أهل الكتاب بشيء إلا لأجل كونه لطفا في التوحيد الذي هو من أصول الدين، وفي الصلاة والزكاة اللتين هما