وقد نسب الاستدلال إلى العلامة - قدس سره - في النهاية () لكن المحكي من كلامه عن المنتهى مخالف لذلك فإنه - (قدس سره) على ما حكي عنه في المنتهى () - استدل () بها على اشتراط العبادة بنية القربة قبالا لأبي حنيفة - خذله الله تعالى - القائل بعدم اشتراط الوضوء بها، وليس في مقام إثبات أصل كلي يعول عليه عند الشك.
وكيف كان، فيمكن الاستدلال بها من وجهين - على إثبات أصالة التعبدية في أوامر أهل الكتاب، ثم إثبات هذا الحكم في شريعتنا: إما بالاستصحاب بناء على اعتباره في الأحكام الثابتة في الشرائع السابقة، وإما بمقتضى قوله تعالى في آخر الآية: وذلك دين القيمة ()، فإن المشار إليه بقوله: وذلك هو ما استفيد من صدر الآية من الحكم، ومعنى (القيمة) - كما فسرها المفسرون - (المستقرة) التي لا تنسخ وهي صفة لمحذوف، أي وذلك دين الملة القيمة -:
الوجه الأول: بالنظر إلى قوله تعالى: ليعبدوا، وتقريب الاستدلال على ذلك:
أن العبادة هي الإتيان بالفعل على وجه الإخلاص المرادف للامتثال، واللام في (ليعبدوا) للغاية، كما يظهر عن بعض في مقام الاستدلال بالآية على خلاف الأشعري القائل بالجزاف في أفعال الله - تعالى عن ذلك علوا كبيرا - فيكون المعنى: أنه ما أمر أهل الكتاب بشيء لغاية وغرض من الأغراض إلا