يتبعون، والمراد بدين الحق ملته، أي لا يتبعون ملة الحق، ولعله مجاز عن القصد، مع إمكان أن يراد به في المثال المذكور القصد نفسه، أي لا يقصدون دين الحق، لكن لا شاهد على حمله على الأول لكونه معنى مجازيا لا يصار إليه إلا لقرينة ظاهرة، وأما الثاني فهو عبارة أخرى عن العبودية، فيكون المراد على تقديره نفي الشريك عنه تعالى في مقام العبودية له، فيتحد مفاده [مع] صدر الآية ()، ويؤكده كتأكيده إياه على تقدير إرادة الملة منه، كما هو الظاهر من سياق الآية وملاحظة نظائرها المشتملة على لفظ الدين، كقوله تعالى: لكم دينكم ولي دين () بعد أمره تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بنفي الشريك وإخلاص العبودية له - [تعالى] - بقوله [تعالى]: قل يا أيها الكافرون. لا أعبد ما تعبدون () إلى آخر السورة.
وبالجملة: فمن تأمل حق التأمل يرى أن لفظ (العبادة) الوارد في الكتاب العزيز يراد به ما ذكرنا، وأن المراد بلفظ الدين - الوارد في تلوه - معنى () الملة.
هذا كله مضافا إلى أنا لو سلمنا تمامية دلالة الآية وظهورها في اعتبار قصد القربة والامتثال في كل ما امر به أهل الكتاب بأحد الوجهين المتقدمين أو بكليهما، لا يمكن الأخذ بظهورها هذا، لأن إرادته مستلزمة لتخصيص الأكثر، كما لا يخفى، لأن أكثر الواجبات في كل شريعة توصلية جدا، بل التعبدية منها لقلتها مضمحلة في جنب التوصلية منها، فيستهجن إرادة اعتبار قصد التقرب