أكثرت أفيسكر قال نعم قال أفكل مسكر حرام إلى اخر الرواية وفيها ان القوم رجعوا بأنفسهم قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله فأجابهم بما أجاب الوفد وفيه دلالة صريحة على عدم الحرمة ما لم يسكر والظاهر أن الاسكار انما كان يحصل فيما وضعوه بعد القاء العكر فيه وهدره إلى غليانه ونشيشه؟ ونحوها رواية الفضيل بن يسار عن مولانا أبى جعفر (ع) قال سئلت عن النبيذ فقال حرم الله الخمر بعينها وحرم النبي صلى الله عليه وآله من الأشربة كل مسكر لم يفرق بين ان يغلى النبيذ بالنار ولم يذهب ثلثاه وبين ان لا يغلى ورواية مولى حريز عن الصادق (ع) فقلت له انى اصنع الأشربة من العسل وغيره وانى يكلفوني في صنعتها فاصنعها لهم قال أصنعها لهم وادفعها إليهم وهي حلال قبل ان تصير مسكرا إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على أن مناط التحريم هو الاسكار دون الغليان ودعوى حصول السكر أو مباديه ولو من شرب كثيره بمجرد الغليان ولو في بعض الأمزجة أو بعض الأهوية والأمكنة ممنوعة ومجرد احتماله لا يوجب الحكم بالتحريم ولا يجب التفحص والتجربة أيضا مع أنه لو كان لأتفق لبعض ولو اتفق لنقل وشاع بل لو كان لاخبر به الحذاق نعم الظاهر أن طول مكث نقيع التمر وكذا الزبيب قبل اذهاب معظم اجزائه المائية باذهاب الثلثين يوجب الاختمار الموجب للاسكار وقد يستعمد اختماره بوضع بعض الأجسام فيه كالعكرة وثفل التمر ونحوهما وقد يختمر بنفسه لتلوث انائه ببقية النقيع السابق المختمر وحينئذ فلا اشكال في التحريم لأجل الاسكار ولكن لا توجب التحريم قبل حصوله كما صرح به (ع) في رواية مولى حريز المتقدمة حيث قال وهي حلال قبل ان تصير مسكرا ومما ذكرنا يظهر ضعف التمسك للحرمة بموثقة عمار بن موسى انه سئل عن النفوح العتيق كيف يصنع حتى يحل قال خذ التمر فاغله حتى يذهب ثلثا ماء التمر وموثقته الأخرى قال سئلته عن النفوح قال يطبخ التمر حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه ثم يتمشطن والنفوح طيب مايع ينقعون التمر والسكر والقرنفل والتفاح والزعفران وأشباه ذلك في قارورة مخصوصة فيها قدر مخصوص من الماء ويصبرون أياما حتى ينش ويتخمر فان الظاهر أن الامر باغلائه حتى يذهب ثلثاه لأجل ان لا يصير نجسا إذا نش واختمر مع الأدوية الممزوجة معه لما سيجيئ من أن ماء التمر والزبيب إذا نش واختمر صار مسكر الا للنجاسة الحاصلة بالغليان فكيف يعمل بالموثقة في ذلك مع مخالفتها للشهرة المحققة والاجماعين المحكيين المعتضدين بعدم ظهور الخلاف في النجاسة الاعن شاذ من متأخري المتأخرين واضعف من ذلك الاستدلال بما روى أن الصادق (ع) كان عند نسائه فشم رايحة النفوح فقال ما هذا فقالوا نجعل فيه الضياح فأمر به فأهريق في البالوعة إلى آخره والضياح قبل اللبن الخاثر وعن القاموس ان الضياح ككتان عطر أو عسل وعن بعض انه الخمر الممزوج بالماء وحينئذ فلا يدل الرواية على نجاسة أصل النفوح أو يقال إن هذا النفوح كان مما لم يذهب ثلثا ماء تمره فاختمر فصار نجسا والحاصل ان اذهاب ثلثي العصير العنبي انما يجب أصالة لما دل من الاخبار والاجماع على حرمته قبله ودعوى شمول العصير لما نحن فيه أضعف من دعوى شموله لنقيع الزبيب التي قد عرفت ضعفها واما اذهاب ثلثي ماء التمر المستفاد من هاتين الموثقتين فلا يبعدان يكون علاجا لعدم افسادها عند النشيش والاختمار لأجل طول المكث ولما يمتزج كما يستفاد ذلك من مستفيض الاخبار منها رواية أيوب ابن راشد قال سمعت أبا البلاد يسئل الصادق (ع) عن النبيذ قال لا باس به فقال إنه يوضع العكر قال بئس الشراب ولكن انبذوه عذوة واشربوه بالعشى فقلت جعت فداك هذا يفسد بطوننا فقال أبو عبد الله (ع) أفسد لبطنك ان تشرب مالا يحل لك الخبر والعكر هو درد من الزيت يوجب غليان النبيذ ونشيشه كما يستفاد من غير واحد من الاخبار ومنها رواية إبراهيم بن أبي البلاد انه دخل علي بن جعفر (ع) وجلست وشكى إلى معدته إلى أن قال ما سقيت ماء فقال (ع) أسقيه من نبيذي فجائت نبيذ مريس في قدح من خضر فشربته فوجدته أحلى من العسل قلت له هذا الذي أفسد معدتك فقال هذا تمر من صدقة النبي صلى الله عليه وآله يؤخذ غدوة فيصب عليه الماء وتمرسه الجارية واشربه على اثر الطعام السائر نهاري فإذا كان الليل أخرجته فسقته أهل الدار فقلت له ان أهل الكوفة لا يرضون بهذا قال فما نبيذهم قلت يؤخذ التمر فيبقى وتلقى عليه القعوة قال و ما القعوة قلت الدازى قال وما الدازى قلت يؤتى من البصرة فيلقى في هذا النبيذ حتى يعلى وفيسكن أو يسكر قال ذلك حرام وغير ذلك فما ورد في نبيذ التمر ومثلها في نقيع الزبيب منها رواية حنان بن سدير قال سمعت رجلا يسئل أبا عبد الله (ع) ما تقول في النبيذ فان أبا مريم يشربه ويزعم انك أمرت بشربه فقال صدق أبو مريم سئلني عن النبيذ فقلت له انه حلال ولم يسألني عن المسكر إلى أن قال فقلت جعلت فداك هذا النبيذ الذي أذنت لأبي مريم في شربه أي شئ هو فقال إما أبى صلوات الله عليه فإنه كان يأمر الخادم فيجيئ بقدح ويجعل فيه زبيبا ويغسله غسلا نقيا ثم يجعله في اناء فتصب عليه ثلثه مثله أو أربعة ماء ثم يجعله بالليل ويشربه بالنهار ويجعله بالغداة ويشربه بالعشى وكان يأمر الخادم بغسل الاناء في كل ثلاثة أيام كيلا يغتم أفإن كنتم تريدون النبيذ فهذا هو النبيذ ومنها رواية علي بن أسباط أنه قال رجل لأبي عبد الله (ع) ان بي أرياح البواسير وليس يوافقني الا شرب النبيذ فقال مالك وما حرم الله ورسوله صلى الله عليه وآله
(٣٦٤)