تحليله للتوقيع المتقدم عن صاحب الزمان روحي له الفداء في قوله (ع) واما الخمس فقد أبيح لشيعتنا إلى أن يظهر أمرنا لتطيب ولادتهم وحاصل هذا القول إن أمر الخمس راجع في كل زمان إلى الحجة في ذلك الزمان وفيه ان أكثر اخبار التحليل عام لجميع الشيعة كما لا يخفى على من راجعها فالتحليل المستفاد من تلك الأخبار حكم عام لجميع أزمنة قصور أيديهم العادلة صلوات الله عليهم مع أن ظاهر التوقيع عام في حصة الأصناف (ايض) وفي كل الشيعة وقد أولها المحدث المذكور بان المراد واما حقنا من الخمس زاعما انها طريق جمع بينه وبين الآية والأخبار الدالة على استحقاق الأصناف لحصصهم وفيه مع أنه لابد من تخصيص الشيعة بمن في زمان إمامته انه كيف يمكن الحكم بسقوط الفريضة الضرورية بمثل هذا السند مع معارضته بتوقيع اخر تقدم ذكره وثالث أمر بدفع الخمس إلى العمرى وان زعم المحدث المذكور عدم دلالتهما على الثبوت مع أن الجميع لا يحتاج إلى صرف الخمس الموضوع للمجموع إلى بعضه بل إما ان يعمل على اطلاقه وأمان يراد به ما ذكرنا من الفرد المعهود المتعارف في الدولة الأموية والعباسية من الغنائم الواقعة بيد الشيعة من المخالفين المقاتلين لأهل الحرب ويظهر مما ذكرنا ضعف ما يحكى عن صاحب المعالم في كتاب منتقى الحمان من سقوط خمس المكاسب نظرا إلى أن المستفاد من الاخبار اختصاصه بالامام (ع) مثل ما ورد من أن على كل امرئ غنم أو اكتسب الخمس مما أصاب لفاطمة صلوات الله عليها ومثل ما تقدم من رواية الحرث بن المغيرة الطبري من قوله إن لنا أموالا وتجارات نعلم أن حقك فيها ثابت ونحو ذلك مما تقدم ان المراد تخصيص الحق به (ع) باعتبار وجوب دفعه إليه وولاية بذله ومنعه وتحليله ومطالبته ولذا ورد نظير ذلك فمما لا يقول القائل باختصاصه بالامام (ع) وما أبعد ما بين هذه الأقوال والقول بعدم تحليل شئ بالكلية حتى المناكح في زمان الغيبة المستحقين نصفه كما هو محكى عن الإسكافي وظاهر الحلبي بل تقدم عن الروضة نسبته إلى جماعة ويرجع إليه ما عن المجلسي (قده) من حمل اخبار التحليل على جواز التصرف في المال الذي تعلق بعينه الخمس قبل اخراجه منه بان يضمنه في الذمة ويتصرف في المال وهذا وإن كان بعيدا عن ظواهر تلك الأخبار الا ان غاية ما يمكن الاجتزاء عليه فيما عدا الأنفال وخصوص المناكح والمتاجر هو هذا المقدار من التحليل لا أزيد لان وجوب الخمس من الضروريات والخمس بنفسه من أهم الفرائض لأنه أولي بالانقياد له من الزكاة التي أوقف قبول الصلاة التي هي عمود الدين بها مع أنها معونة غير السادات فكيف بما هو معونة الإمام (ع) وقبيله والمجعول لهم عوضا عن الصدقات ليستغنوا به عنها بل هي المودة المجعولة اجرا للسادة فالقول بسقوط شئ منه جراة عظيمة سيما مع ملاحظة ما مر ان المسألة من الموضوعات حيث إن الشك في تحقق الابراء من صاحب الحق فالتعويل فيها على اخبار الآحاد مشكل سيما مع المعارضة واشتباه الدلالة وقيام المحامل وقد صرح في المعتبر بان الحكم بإباحة حصة الإمام (ع) في زمان الغيبة كما ذكره بعض أصحابنا غلط بقى الكلام في مصرفه فالذي يقتضيه العمومات وجوب صرف حصة الأصناف إليهم وان قلنا بوجوب دفعها إلى الإمام (ع) عند الحضور لأنه شرط اختياري فمع عدم التمكن عن دفعه إليه يبقى العمومات سليمة ومن هنا يظهر انه لا يجب دفعها إلى الفقيه وان قلنا بنيابة عنه (ع) في الأمور العامة الا ان ذلك من الولايات الخاصة مثل الولاية على أولاده (ع) أو على ما هو وصى فيه مع عدم بعد الوجوب بناء على ثبوت النيابة على وجه العموم كما يظهر من كلامهم من الحصة المختصة به (ع) وكيف كان فالقول بوجوب عزله والايصاء به عند ظن الموت كما اختاره شيخنا المفيد وجعله أوضح من سائر الأقوال غير واضح بناء على عدم تملك الإمام (ع) للكل غاية الأمر وجوب دفع الكل إليه حال الحضور ليتولى البسط حسب ما يراه كما تقدم في مرسلة حماد الطويلة فعزل حصة السادات منع الحق من أهله ويؤيده ما تقدم من رواية ابن طاوس في وصية النبي (ص) وقوله فمن لم يقدر على ذلك يعنى دفع الخمس إلى الإمام (ع) فليدفع إلى الضعفاء من أهل بيتي هذا مضافا إلى ما علم من أن حكمه وضع الخمس استغناء بني هاشم به عن الصدقات فلابد لهذا القائل القول بجواز اخذ الصدقات لبني هاشم وحرمتها عليهم مختص بزمان ظهور الدولة العادلة التي لا يحتاج الهاشمي فيها غالبا إلى خمس ولا زكاة وكيف كان فمنع حصة الأصناف عنهم في زمان الغيبة مما نقطع بعدم جوازه مع أن الايصاء به واحدا بعد واحد في مثل زماننا معرض للتلف بل موجب قطعي وكأنهم كما قيل بنوا ذلك على أوقاتهم المملوة بالعلماء والصلحاء الأتقياء وظنوا قرب خروجه (ع) أو ان زمان الغيبة كله على ذلك المنوال ولم يعلموا بتسافل الحال وتقلب الأحوال بما يضيق من نشوة المجال وما ذكر ظهر أضعفية القول بوجوب دفنه لأرض تظهر كنوزها للقائم عجل الله فرجه مع أن هذا القول مجهول القائل ويظهر من ضعف القولين ضعف القول بالتخيير بين الوصاية والدفن وكيف كان فحبس حصة الأصناف عنهم قول مرغوب عنه ولذا اعرض عنه المشهور بل لا يبعد عدم الخلاف فيه بناء على ما احتمل من إرادة خصوص حصة الإمام (ع) بما حكموا بوجوب حفظه بالايصال أو الدفن وعن السرائر نسبته قول (المش) إلى جميع محققي أصحابنا ومحصليهم ثم إن هذا كله في حصة الأصناف وحاصل الأقوال فيها خمسة السقوط والثبوت مع وجوب الصرف والايصاء به أو دفنه أو التخيير وربما حكى عن ظاهر بعض الكتب القول بالاستحباب واما حصة الإمام (ع) عجل الله فرجه فقد عرفت ضعف القول بسقوطها فالكلام فيها على فرض ثبوتها فنقول الذي يقتضيه القاعدة هو وجوب حفظه له (ع) لأنه مال غائب وأي غائب روحنا له الفداء ولذا ذهب إليه جمهور أصحابنا على ما في المعتبر وعن المنتهى وعن السرائر انه الذي يقتضيه أصول الدين وأصول المذهب وأدلة العقول وأدلة الاحتياط واليه يذهب و عليه يعون جميع محققي أصحابنا المصنفين المحصلين الباحثين عن ماخذ الشريعة وجها بذة الأدلة ونقاد الآثار فان جميعهم يذكرون في باب الأنفال بهذه المقالة و يعتمدون على القول الأخير الذي ارتضيناه بغير خلاف انتهى الا ان الذي يقتضيه التأمل في أحوال الإمام (ع) وفي أحوال ضعفاء شيعته في هذا الزمان ثم في ملاحظة حاله بالنسبة إليهم هو القطع برضائه (ع) بصرف حصة فيهم ورفع اضطراراتهم بها وفيما يحتاجون إليه من الأمور العامة والخاصة فالشك في هذا ليس الا من جهة عدم اعطاء التأمل حقه في أحوال الطرفين أو في النسبة مضافا إلى احسان محض ما على فاعله من سبيل وان لم نعلم
(٥٥١)