وحكمته وكتبه مرعيدا. وعند ذلك ملك فلاس بن فيروز أربع سنين، وولي أمر الله مرعيدا. وملك بعده قباد بن فيروز ثلاثا وأربعين سنة. وملك بعده جاماسب أخو قباد ستا وستين سنة، وولي امر الله يومئذ في مرعيدا وعند ذلك ملك كسرى بن قباد ستا وأربعين سنة وثمانية أشهر. وولي أمر الله مرعيدا وشيعته المؤمنون.
فلما أراد الله عز وجل ان يقبض مرعيدا أوحى إليه في منامه: ان يستودع نور الله وحكمته بحيرا الراهب، ففعل. وملك عند ذلك هرمز بن كسرى ثمان وثلاثين سنة، وولي أمر الله يومئذ بحيراء وأصحابه المؤمنون وشيعته الصديقون.
وعند ذلك ملك كسرى بن هرمز بن ابرويز، وولي أمر الله يومئذ في الأرض بحيراء، حتى إذا طالت المدة ودرس الدين وتركت الصلاة واقتربت الساعة وكثرت الفرق وصار الناس في حيرة وظلمة وأديان مختلفة.
وعند ذلك استخلص الله تعالى لنبوته ورسالته محمدا صلى الله عليه وآله وسلم (إكمال الدين) عن مكي بن أحمد قال: سمعت إسحاق الطوسي يقول وقد مضى عليه سبعة وتسعون سنة على باب يحيى بن منصور قال: رأيت سربابك ملك الهند في بلد تسمى صرح، فسألتاه كم أتى عليك من السنين؟ قال: تسعمائة وخمسة وعشرين سنة، وهو مسلم، فزعم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنفذ إليه عشرة من أصحابه منهم حذيفة بن اليمان وعمرو بن العاص وأسامة بن زيد وأبو موسى الأشعري، وغيرهم يدعونه إلى الاسلام، فأسلم وقبل كتاب النبي صلى الله عليه وآله. فقلت له: كيف تصلي مع هذا الضعف؟ فقال: قال الله عز وجل: (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم).
فقلت له: ما طعامك: قال: اكل ماء اللحم والكراث، وسألته هل يخرج منك شئ؟ قال: في كل أسبوع مرة شئ يسير، وسألته عن أسنانه، فقال: أبدلتها عشرين مرة، ورأيت في إصطبله شيئا من الدواب أكبر من الفيل يقال له زنده قيل، فقلت له:
ما تصنع بهذا؟ قال: يحمل ثياب الخدم إلى القصور، ومملكته مسيرة أربع سنين في مثلها، ومدينته خمسون فرسخا في مثلها، وعلى كل باب منها عسكر مائة الف، إذا وقع في أحد الأبواب حدث خرجت تلك الفرقة إلى الحرب لا تستعين بغيرها