يقطع الطريق ولم يدع لله حرمه إلا انتهكها، فلم يعلم إلا والمرأة قائمة على رأسه فرفع رأسه إليها فقال: إنسية أم جنية؟ فقالت: إنسية، فلم يكلمها بكلمة حتى جلس منها مجلس الرجل من أهله، فلما ان هم بها اضطربت، فقال لها: ما لك تضطربين؟
فقالت: أخاف من هذا وأومأت بيدها إلى السماء؟ قال: فصنعت من هذا شيئا؟ قالت:
لا وعزته، قال: فأنت تخافين منه هذا الخوف ولم تصنعي شيئا واستكرهتك استكراها فأنا والله أولى بهذا الخوف وأحق منك. فقام ولم يحدث شيئا ورجع إلى أهله وليس له همة إلا التوبة والمراجعة. فبينما هو يمشي إذ صادفه راهب يمشي في الطريق، فحميت عليهما الشمس فقال الراهب للشاب: ادع الله يظلنا بغمامة فقد حميت علينا الشمس فقال الشاب: ما أعلم ان لي عند ربي حسنة فأتجاسر على أن أسأله شيئا، قال: فأدعو انا وتؤمن أنت؟ قال: نعم. فأقبل الراهب يدعو والشاب يؤمن، فما كان بأسرع من أن أظلتهما غمامة فمشيا تحتها مليا من النهار، ثم انفرقت الجادة جادتين فأخذ الشاب في واحدة واخذ الراهب في واحدة فإذا السحاب مع الشاب، فقال الراهب:
أنت خير مني لك استجيب ولم يستجب لي فخبرني ما قصتك؟ فأخبره بخبر المرأة فقال: غفر الله لك ما مضى حيث دخلك الخوف، فانظر كيف تكون فيما يستقبل.
وعن الرضا عليه السلام: ان الرجل كان إذا تعبد في بني إسرائيل لم يعد عابدا حتى يصمت قبل ذلك عشر سنين.
وفي (الكافي) عن ابن عمارة قال: روينا ان عابد بني إسرائيل كان إذا بلغ الغاية في العبادة صار مشاءا في حوائج الناس عاينا بما يصلحهم.
(إكمال الدين) باسناده إلى ابن أبي رافع عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
ان جبرئيل (ع) نزل علي بكتاب فيه خبر الملوك ملوك الأرض قبلي وخبر من بعث قبلي من الأنبياء والرسل. وهو حديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة، قال: لما ملك الأشيخ بن أشكان وكان يسمى الكيس وملك مائتين وستا وستين سنة.
ففي سنة إحدى وخمسين من ملكه بعث الله عيسى بن مريم عليه السلام واستودعه النور والعلم وبعثه إلى بيت المقدس إلى بني إسرائيل يدعوهم إلى الايمان بالله، فأبى أكثرهم