من أمر أصحابه، قال: وإنه لكذلك إذ أتاه الخبر بأن أصحابه الثمانية آلاف قد قتلوا بأجمعهم فما انفلت منهم أحد، قال: فجلس الحجاج في سفينة ومر في جوف الليل هاربا منهزما حتى دخل البصرة بأشد حالة تكون.
قال الهيثم بن عدي قال أنبأني عبد الله بن عياش (1) قال: كان لأهل العراق على أهل الشام النصر والظفر في ثلاثة مواطن، قتلوا منهم ستة وثمانون ألفا، منها وقعة بابلا (2) يوم يزيد بن أنس الأسدي رحمه (الله) حين وجه به المختار، قتل من أهل الشام ثمانية آلاف، ومنها وقعة خازر (3) مع إبراهيم بن الأشتر، قتل عبيد الله بن زياد وقتل معه نيف على سبعين ألفا، ومنها يوم دجيل (4)، قتل منهم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ثمانية آلاف.
قال: وأقبل ابن الأشعث على أصحابه فقال: يا أهل العراق! أما هذا الذي كان فليس عندي بشيء، ولكني أريد عبد الملك بن مروان. قال: ثم أقبل من دجيل (4) في طلب الحجاج إلى البصرة، وبلغ ذلك الحجاج فقطع جسر الأبلة وضم الأسواق ثم نادى في عسكره وقال: يا أهل الشام! انظروا لا تتركوا بالمكلأ (5) شيئا من العلف والطعام إلا أخذتموه ونقلتموه إلى العسكر، فإنما الناس أحد رجلين:
فمن لحق ما أغطيناه من طعامه وعلفه، ومن لحق بعدونا فدمه حلال لنا.
قال: وأقبل ابن الأشعث ونزل بالبصرة ثم قال: علي بعباد بن الحصين الحبطي (6)! فإنه شيخ بني تميم، وإني أحب أن آخذ برأيه، قال: فأتي بعباد بن الحصين يحمل في محفة له حتى قعد بين يديه، فلما رآه رحب به وقربه ثم قال: يا أبا جهضم! أشر علي برأيك، فقال له عباد بن الحصين: أيها الأمير! إنك قد أسأت الرأي حين سرت من سجستان إلى العراق ولم تبدأ بخراسان فتأخذها فتكون قد