وعبد الحميد بن المنذر بن الجارود العبدي (1)، وزياد بن مقاتل الجهدري وعبد الله بن رزام (2) الحارثي، هؤلاء الخمسة من فرسان أصحاب ابن الأشعث، وقتل من أصحاب الحجاج أيضا جماعة، فانتصف بعضهم من بعض، وجاء الليل فحجز بين الفريقين. فدعا ابن الأشعث بعبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم فاستخلفه على أصحابه وأمره بحرب الحجاج وأصحابه، ثم خرج ابن الأشعث من عسكره في جوف الليل في ألف فارس من أبطال عسكره فسار في الأجمة على الظهر حتى دخل الكوفة فأخذها، وأصبح الناس وقد فقدوا ابن الأشعث فلم يعلموا ما حاله وخبره إلا الذين أعلمهم من خاصته، قال: وتزاحف القوم بعضهم من بعض فاقتتلوا، وأقام الحرب بين الحجاج، وبين عبد الرحمن بن العباس خليفة ابن والأشعث من بين يدي الحجاج وانهزم أصحابه حتى صاروا إلى الكوفة (3)، وابن الأشعث بها وقد احتوى على بيت مال الحجاج فأخذ جميع ما فيه، وقد أخذ أيضا عامل الحجاج الذي كان بالكوفة واسمه مطر بن ناجية (4)، قال: فهم ابن الأشعث بقتله، فقال: أيها الأمير! فإني من شيعتك!
قال: فاستبقاه ابن الأشعث وأمره، فصعد المنبر فشتم الحجاج وعبد الملك بن مروان جميعا ولعنهم، ثم حرض على قتال أهل الشام، فأنشأ رجل من أصحاب الحجاج يقول في ذلك أبياتا مطلعها:
أبني تميم ما لمنبر ملككم * ما يستقر بعوده يتمرمر إلى آخرها.
قال: وبلغ الحجاج أن ابن الأشعث قد أخذ الكوفة واحتوى على بيت المال، فضاقت عليه الأرض بما رحبت ولم يدر ما يصنع، غير أنه جمع أصحابه فأعطاهم الارزاق وأمرهم بالاستعداد، ثم دعا بالحكم بن أيوب بن الحكم بن أبي عقيل وهو ختن الحجاج على أخته زينب (5) فاستخلفه على البصرة ثم سار يريد الكوفة، حتى