المؤمنين ما لم يأتك الامر من قعر مرو (1). قال: وجعل عبد الملك بن مروان لا ينام الليل من الفكر والغم، وربما هجع وأغفى ثم يستيقظ كالفزع المرعوب وهو يقول:
لقد تركني ابن الأشعث في هجوع، اللهم أدركه واكفني أمره كيف شئت وأنى شئت.
قال: وفصل عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث من أرض فارس، ثم كتب إلى عباد بن الحصين الحبطي، وعباد يومئذ بالبصرة، فكتب إليه: أما بعد فقد عرفت رأيك وفضلك وقدرك وحالك وطاعتك في قومك وأهل مصرك، وقد عرفت الحجاج وسوء أثره فيكم، فاكتب إلي برأيك أتبعه فإنك المستمع منه والمقبول قوله - والسلام -. قال: فورد كتاب ابن الأشعث على عباد بن الحصين الحبطي، وعباد يومئذ شيخ كبير لا يستمتع منه بشيء إلا برأيه. فلما ورد عليه كتاب ابن الأشعث وقرأه قال: أوه! لو قال هذا القول لي وبي حراك أو نهوض لأبليت لله وللمسلمين بلاء حسنا! قال: ثم إنه كتب إليه: أما بعد يا بن الأشعث! فإني لا أرى شيئا هو لك أمثل ولا خير لك من أن لا تمكن أهل البصرة من أذنيك، وإذا رأيت رأيا فأمضه - والسلام -.
قال: فعندها دعا ابن الأشعث برجل من أشداء أصحابه يقال له عطية بن عمرو العنبري، فضم إليه أربعة آلاف فارس وأمره أن يسير إلى كور فارس ورساتيقها فيجبي أموالها ولا يترك أحدا من شيعة الحجاج إذا قدر عليه إلا قتله. قال: فسار عطية بن عمرو في البلاد فجعل يجمع الأموال ويبعث بها إلى ابن الأشعث، وابن الأشعث يفرقها في الناس ويقوم بها ويأمرهم بالاستعداد للحرب والقتال، فأنشأ أعشى همدان يقول في ذلك:
من مبلغ الحجاج! * ني قد ندبت إليه حربا حربا مذكرة عوا * نا تترك الشبان شيبا وتجندل البطل الكم * - ي وتملا الرعديد رعبا نبئت أن ابن (2) يو * سف خر من زلق فتبا