قال: فلما ورد كتاب الحجاج على عبد الملك بن مروان وقرأه قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، قال: هات ويحك يا لاوي (1) ما عندك من الخبر! قال: فجعل لاوي بن شقيق يحدثه له بخروج ابن الأشعث، وما كان منه، وعبد الملك بن مروان، يتغير وجهه ساعة بعد ساعة، ثم جعل يتمثل بقول الحارث بن وعلة (2) الجرمي وهو يقول (3):
ما بال من أسعى لتجبر عظمه * حفاظا وينوي من سفاهته كسري أعوذ على ذي اللب والجهل منهم * بحلمي ولو عاقبت غرقهم بحري أناة وحلما وانتظارا بهم غدا * فما أنا بالفاني ولا الضرع الغمر وإني وإياهم بمنزلة القطا * ولو لم تنبه كانت الطير لا تسري أظن صروف الدهر والجهل منهم * ستحملهم مني على مركب وعر ألم تعلموا أني صبور على الأذى * وأن قناتي لا تلين على الكسر قال: ثم قام عبد الملك بن مروان في أهل الشام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا أهل الشام! إن أهل العراق قد استعجلوني قدري قبل انقضاء أجلي، اللهم فلا تسلط علينا ظالما، ولا تسلطنا على ظلم ولي من أوليائك، اللهم أصيبت (4) سيوف أهل الشام على العراق حتى يبلغوا رضاك، فإذا بلغوا بهم رضاك فلا تجاوز بهم سخطك إنك على كل شيء قدير. قال: ثم نزل عن المنبر ودخل إلى منزله فجعل يعطي الناس ويجهزهم إلى العراق، وبعث إلى خالد بن يزيد بن معاوية فدعاه - وكان خالد بن يزيد علامة بأيام الناس عارفا بكتب الفتن، فقال له: ويحك يا أبا هاشم! هل تتخوف اليوم علينا من الرايات السود شيئا؟ فإننا نجد في الكتب أن ذهاب ملكنا على أيديهم، قال له خالد: وما اسم (5) [بلد] هذا الرجل الذي خرج عليك يا أمير المؤمنين؟ قال: سجستان، قال خالد: الله أكبر لا تخف (6) يا أمير