هذا، فلما رآه ابن الأشعث قال: ما وراءك يا أبا حراثة؟ فجعل يقول:
أمير زاد ذهبت بالسرج * في فتنة الناس وهذا الفرج قال: فضحك ابن الأشعث وقال: استفكوا له سرجه، قال: وبلغ الحجاج بن يوسف فقال: ويلي عليه عدو نفسه يعاقب مصقلة بن رقبة العبدي على الزنى ويستفك سرج الزناة، إني لأرجو أن يخزيه الله إن شاء الله.
قال: فجمع الحجاج أصحابه فخطبهم ثم قال: أيها الناس! إن هذا الفاسق عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث قد خلع الطاعة وفارق الجماعة وسار إلى ما قبلكم فهاتوا آراءكم! قال: فوثب عليه سلمة بن عبد الله المنقري قال: أيها الأمير! رضينا بالله ربا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، وبالاسلام دينا، وبالقرآن إماما، وبعبد الملك بن مروان خليفة، وبك أميرا، أصلح الله الأمير! إن لم يكن نبي ولا كتاب ولا إمام لما رضينا بالحائك ابن الحائك عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث. قال فقال الحجاج:
هذا كلام حسن لا أرده عليك ولا أدخله صداي حتى أبلو ما عندك. قال: ثم عقد له الحجاج عقدا وضم إليه خيلا، وأعطاه عشرة آلاف درهم، فهرب حتى لحق بابن الأشعث فصار معه.
ثم وثب في ذلك الوقت حنظلة بن الحارث الضبابي فقال: أصلح الله الأمير!
إنك قد وليت بلاد سجستان غلاما سفيها، ولم يكن لذلك أهلا، وأنا أرجو أن يدركه الله بإحدى عثراته! قال فقال له الحجاج: يا حنظلة! أما بالأمس فقلت لي إنه سيد الناس وفتى العرب، واليوم تقول إنه غلام سفيه - والله المستعان. ثم نزل الحجاج عن المنبر ودعا بحنظلة بن الحارث هذا، فعقد له عقدا وضم إليه خيلا وأمر له بعشرة آلاف درهم، فهرب حتى لحق بابن الأشعث فصار معه.
قال: وجعل الحجاج يتألف الناس والناس دون عيونهم إلى ابن الأشعث، فلما رأى ذلك كتب إلى عبد الرحمن بن مروان: يا أمير المؤمنين! الغوث الغوث من عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث! وإني قد وجهت إليك لاوي (1) بن شقيق السدوسي فليسأله أمير المؤمنين عما صنع ابن الأشعث - والسلام -.