أخيك المفضل واقدم إلي، فإني احتجت إلى مناظرتك في أمر مهم والحظ فيه لك - والسلام -.
فلما ورد هذا الكتاب على يزيد دعا برجل من أجلاء عرب خراسان يقال له حضين (1) بن المنذر الربعي، فقال: يا حضين (2)! إنه قد كثرت علي كتب الحجاج يأمرني بالمصير إلى ما قبله، وهذا أخي المفضل قد نزل الري وقد أمرني الحجاج أن أسلم إليه أمور خراسان، فهات ما عندك من الرأي، فقال له حضين بن المنذر: لا والله أيها الأمير! ما أشير عليك بالمصير إلى الحجاج، لأني أخاف عليك الحبس والغرم، ولعله أن يقتلك ولا يبالي، ولعله إنما ولى أخاك المفضل الري ونواحيها مكيدة لك حتى تقع في يده، فاتق الله في نفسك وأقم بموضعك هذا فإنه خير لك، واعتل على الحجاج بحروب الترك والسغد فإنه يكف عنك، فإن هو فعل وإلا فخرج عليه وحاربه وتمسك بما في يدك من بلاد خراسان، فإنك إن حاربته أعانك الناس عليه لبغضهم إياه وكراهتهم لولايته. قال فقال له يزيد: ويلك يا حضين! أما قولك بأنه يحبسني ويغرمني فإني ما لا أشك في هذا، وأما أن يقدم علي بالقتل فما أظنه يروم ذلك وأمير المؤمنين عبد الملك بن مروان حي، لأنه قد علم بأني وأبي وأهل بيتي من صنائع أمير المؤمنين، وبعد فإنا أهل بيت قد بورك لنا في الطاعة، فنحن نكره القطيعة، وقد كان أبي أوصاني قبل ذلك وأوصى إخوتي أن لا نخرج أيدينا من الطاعة ولا نفارق الجماعة (3)، ولابد لي من المصير إلى الحجاج على أي الأحوال. قال: ثم تجهز يزيد بن المهلب وخرج من بلاد خراسان في غلمانه ومواليه وبني عمه، وسار يريد العراق حتى صار إلى الري ونزلها، فقدم أخوه المفضل إلى خراسان (4).
قال: وبلغ الحجاج أن يزيد بن المهلب قد صار [فدعا قتيبة بن مسلم] (5) فعقد له عقدا وضم إليه جيشا وولاه خراسان، وقال له: سر وانزل همدان ولا تعلم