المقاتلة بالآلة والسلاح الشاك والنيران ونصاحات النفط. قال: فلم يشعر المسلمون وهم يسيرون في ذلك الخليج إلا ومراكب الروم قد وافتهم في الآلة والسلاح والاعلام والمطارد. قال: وكبر المسلمون وعطعطت الروم، ودنت المراكب بعضها من بعض، وهبت الريح ونصحت الروم، فأشعلت النيران ورجعت على الروم فاحترقت بعض مراكبهم. قال: وانكشفت المراكب الباقية بين أيدي المسلمين مفلولين حتى صاروا إلى ساحل الخليج. قال: وسار مراكب المسلمين سيرا قاصدا حتى حطت بساحة الجزيرة، فخرج المسلمون من المراكب وأخرجوا أثقالهم ودوابهم، فصاروا مع الروم في جزيرتهم. قال: ومدينة القسطنطينية في وسط الجزيرة وسائر الجزيرة لزروعهم ومواشيهم. قال: فجعل مسلمة يدور في الجزيرة مع جماعة من أصحابه يطلب موضعا يبني فيه بناء له ولأصحابه، حتى إذا أصاب موضعا كما يريد أمر الناس، فبنوا مدينة حذاء مدينة القسطنطينية وحصنوها وغلقوا عليها الأبواب، وسموها مدينة القهر. قال: والروم في خلال ذلك يحاربون المسلمون ويطمعون أنهم يمنعوهم من البنيان، والمسلمون يحاربونهم ويبنون، حتى إذا فرغوا من المدينة نادى مسلمة في أصحابه فركبوا، ثم زحف بهم في خيله ورجله حتى دنا من باب القسطنطينية. قال: وخرجت الروم في التعبية والآلة والسلاح، فاقتتل القوم قتالا شديدا.
قال: وإذا ببطريق من بطارقة الروم يقال له بوقاس قد خرج من صف الروم، فجعل يحمل على المسلمين فلا يلحق أحدا إ لا قتله. قال: فتحاماه الناس وخافوه وكاعوا عنه لما يرون من بأسه وشدته، قال: ونظر إليه البطال بن عمرو فتهيأ للحملة عليه ثم جعل يقول:
يا لك يوما ما رأينا قبله * فيما مضى من الحروب مثله يوما عبوسا قد أرانا حمله * وقد أتى بوقاس يبدي جهله هذا لأني قد أردت قتله * إن الجهاد قد عرفنا فضله قال: ثم حمل عليه البطال فالتقيا بضربتين ضربه البطال ضربة جدله قتيلا. ثم إنه حمل وحمل الناس معه، وولت الروم الادبار، فأخذهم السيف حتى ألحقوهم بمدينتهم، ورجع المسلمون مظفرين حتى دخلوا مدينة النهر وقد غنموا دوابا وسلاحا كثيرا وسلبا.