قال ابن إسحاق: وقد حدثني بعض بني قريظة: أنهم قد أخرجوا إليه يومئذ، مع ابن صوريا، أبا ياسر بن أخطب، ووهب بن يهوذا، فقالوا: هؤلاء علماؤنا، فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى حصل أمرهم، إلى أن قالوا لعبد الله بن صوريا: هذا أعلم من بقى بالتوراة.
قال ابن هشام: من قوله: " وقد حدثني بعض بني قريظة " إلى " أعلم من من بقى بالتوراة " من قول ابن إسحاق، وما بعده من الحديث الذي قبله.
فخلا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان غلاما شابا من أحدثهم سنا، فألظ به رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة، يقول له: يا بن صوريا، أنشدك الله وأذكرك بأيامه عند بني إسرائيل، هل تعلم أن الله حكم فيمن زنى بعد إحصانه بالرجم في التوراة؟ قال: اللهم نعم، أما والله يا أبا القاسم إنهم ليعرفون إنك لنبي مرسل ولكنهم يحسدونك، قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بهما فرجما عند باب مسجده في بنى غنم بن مالك بن النجار. ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا، وجحد نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق: فأنزل الله تعالى فيهم: {يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك}، أي الذين بعثوا منهم من بعثوا وتخلفوا، وأمروهم بما أمروهم به من تحريف الحكم عن مواضعه. ثم قال: {يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه إن لم تؤتوه - 41، 43 من سورة المائدة} أي الرجم (فاحذروا) إلى آخر القصة.
قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن إسماعيل ابن إبراهيم عن ابن عباس، قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمهما، فرجما بباب مسجده، فلما وجد اليهودي مس الحجارة قام إلى صاحبته فحنا عليها، يقيها مس الحجارة، حتى قتلا جميعا.