يا كعب، أما نفعتك وصية ابن خراش الحبر الذكي الذي قدم عليكم من الشام فقال:
" تركت الخمر والخمور، وجئت إلى البؤس والتمور، لنبي يبعث، مخرجه بمكة ومهاجرته في هذه البحيرة، يجتزئ بالكسيرات والتميرات، ويركب الحمار العاري (1) في عينيه حمرة، وبين كتفيه خاتم النبوة، يضع سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقى منكم، يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر "!
فقال كعب: قد كان ذلك يا محمد! ولولا أن اليهود يعيروني أني جزعت عند القتل لآمنت بك وصدقتك، ولكني على دين اليهود، عليه أحيى وعليه أموت!
فقال رسول الله: قدموه فاضربوا عنقه. فضربت عنقه (2).
ثم قدم حيي بن أخطب فقال له رسول الله:
يا فاسق، كيف رأيت صنع الله بك؟!
فقال: والله - يا محمد - ما ألوم نفسي في عداوتك، ولقد قلقلت كل مقلقل وجهدت كل الجهد، ولكن من يخذل الله يخذل (3).
وزاد المفيد في " الإرشاد ": ثم أقبل على الناس فقال:
أيها الناس، إنه لا بد من أمر الله، كتاب وقدر وملحمة كتبت على بني إسرائيل!
ثم أقيم بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يقول: قتلة شريفة بيد شريف!
فقال له أمير المؤمنين: إن خيار الناس يقتلون شرارهم، وشرارهم يقتلون