ضعف أمر اليهود، فقتل رجل من بني قريظة رجلا من بني النضير، فبعث بنو النضير إلى بني قريظة: أن ابعثوا إلينا بدية المقتول وبالقاتل حتى نقتله.
وكانت قريظة سبعمئة والنضير ألفا، وأكثر مالا وأحسن حالا من قريظة، فكان إذا وقع بين قريظة والنضير قتل وكان القاتل من بني النضير قالوا لبني قريظة: لا نرضى أن يكون قتيل منا بقتيل منكم! وجرت في ذلك بينهم مخاطبات كثيرة حتى كادوا أن يقتتلوا، ثم رضيت قريظة وكتبوا بينهم كتابا على أنه: أي رجل من النضير قتل رجلا من بني قريظة فعليه أن يجنب ويحمم، والتجنيب أن يقعد على جمل ويولى وجهه إلى ذنب الجمل، والتحميم: أن يلطخ وجهه بالحمأة، وأن يدفع نصف الدية. وأيما رجل من قريظة قتل رجلا من بني النضير فعليه أن يدفع دية كاملة، ويقتل به!
(فلما كان ذلك) قالت قريظة: ليس هذا حكم التوراة وإنما هو شئ غلبتمونا عليه، فإما الدية وإما القتل، وإلا فهذا محمد بيننا وبينكم، فهلموا فلنتحاكم إليه (1).
وكان بنو النضير حلفاء لعبد الله بن أبي، فمشوا إليه وقالوا: سل محمدا أن لا ينقض شرطنا في هذا الحكم الذي بيننا وبين بني قريظة في القتل.
فقال عبد الله بن أبي: ابعثوا معي رجلا يسمع كلامي وكلامه، فإن حكم لكم بما تريدون والا فلا ترضوا به!
فبعثوا إليه رجلا فجاء معه إلى رسول الله فقال له:
يا رسول الله، إن هؤلاء القوم قريظة والنضير قد كتبوا بينهم كتابا وعهدا وثيقا تراضوا به، والآن في قدومك يريدون نقضه، وقد رضوا بحكمك فيهم، فلا تنقض عليهم كتابهم وشرطهم، فإن بني النضير لهم القوة والسلاح والكراع، ونحن