الملك رجمه، فقال له قومه: لا، حتى ترجم فرنا (ابن عمه) فقلنا: تعالوا نجتمع فلنضع شيئا دون الرجم يكون على الشريف والوضيع، فوضعنا الجلد والتحميم، وهو أن يجلد أربعين جلدة ثم يسود وجوههما ثم يحملان على حمارين ويجعل وجوههما من قبل دبر الحمار ويطاف بهما. فجعلوا هذا مكان الرجم!
فقالت اليهود لابن صوريا: ما أسرع ما أخبرته به، وما كنت لما أتينا عليك بأهل!
فقال: إنه أنشدني بالتوراة، ولولا ذلك لما أخبرته به.
فقال رسول الله: (اللهم) أنا أول من أحيا أمرك إذ أماتوه. فأمر بهما فرجما عند باب المسجد.
وأنزل الله: * (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير) * فقام ابن صوريا فوضع يديه على ركبتي رسول الله ثم قال: هذا مقام العائذ بالله وبك أن تذكر لنا الكثير الذي أمرت أن تعفو عنه. فأعرض النبي عنه.
ثم سأله ابن صوريا عن نومه. فقال: تنام عيناي ولا ينام قلبي، فقال:
صدقت. وأخبرني عن شبه الولد بأبيه ليس فيه من شبه أمه شئ أو بأمه ليس فيه من شبه أبيه شئ؟ فقال: أيهما علا وسبق ماؤه ماء صاحبه كان الشبه له. قال:
صدقت. فأخبرني ما للرجل من الولد وما للمرأة منه؟ فأغمي على رسول الله طويلا ثم خلي عنه محمرا وجهه يفيض عرقا فقال: اللحم والدم والظفر والشعر للمرأة، والعظم والعصب والعروق للرجل، قال له: صدقت أمرك أمر نبي. يا محمد، من يأتيك من الملائكة؟ قال: جبرئيل، قال: صفه لي، فوصفه النبي فقال: أشهد أنه في التوراة كما قلت وأنك رسول الله حقا. فأسلم ابن صوريا عند ذلك. فلما أسلم ابن صوريا وقع فيه اليهود وشتموه.