اليمنية، وان نسبه ينتهي بالحارث وهذا ما جعل البعض يلقبه بالحارثي الهمداني، ولكن الروايات تكاد تؤيد القول بأنه ولد في آمل الإيرانية الكائنة على طريق مازندران. وكانت ولادته في منتصف القرن السادس عشر للميلاد ثم أحضره والده إلى العجم حيث اخذ العلم عن كبار علماء زمانه وقد آثر حياة الفاقة والفقر على حياة الغنى والترف يدلنا على ذلك المناصب التي عرضها عليه أولو الأمر ولعل أكثر ما امتاز به الآملي رغبته الشديدة في السياحة وزيارة الأقطار المختلفة، وقد بقي في سياحته ثلاثين سنة زار خلالها مصر والجزيرة العربية وسوريا والحجاز حيث أدى فريضة الحج. وبعد ذلك عاد إلى أصفهان، ويقول إنه عند ما علم الشاه عباس حاكم الدولة الصفوية بعودة الآملي إلى أصفهان ذهب بنفسه إليها وأحاطه بالإكرام والجلة وعرض عليه منصب رئاسة العلماء، ومع انه لم يقبل هذا المنصب فقد بقي صاحب المقام الأول عند الشاه إلى أن وفاه اجله في أصفهان في القرن السابع عشر للميلاد ودفن في طوس بجوار الإمام الرضا.
اشتهر صاحب الترجمة بما ترك من الآثار في التفسير والآداب فله فيها تأليف قيمة. أما آثاره في الرياضيات والفلك فقد بقيت زمنا طويلا مرجعا لكثيرين من علماء المشرق كما انها كانت منبعا يستقي منه طلاب المدارس والجامعات. فمن أشهر مؤلفاته رسالة الهلالية. وكتاب تشريح الأفلاك والرسالة الأسطرلابية وكتاب خلاصة الحساب. وقد اشتهر هذا الكتاب الأخير كثيرا وانتشر انتشارا واسعا في الأقطار بين العلماء والطلاب، ولا يزال مستعملا إلى الآن في مدارس بعض المدن الإيرانية، ولقد تمكنا من الحصول على نسخة من هذا الكتاب أخذناها عن مخطوطة عثرنا عليها في المكتبة الخالدية في القدس. ويقول عنه كشف الظنون في أسامي الكتب والفنون: خلاصة في الحساب لبهاء الدين محمد بن محمد بن حسين وهو من علماء الدولة الصفوية. وهو على مقدمة وعشرة أبواب... ونجد في الخلاصة ان المؤلف استعمل الأرقام الهندية التي نستعملها نحن اليوم الا انه استعمل للصفر الشكل الذي نستعمله للرقم خمسة، وللخمسة شكلا يخالف الشكل الذي نعرفه الآن. ولهذا الكتاب مقدمة تبدأ هكذا:
نحمدك يا من لا يحيط بجميع نعمه عدد ولا ينتهي تضاعف قسمه إلى أحد... اما أبوابه فعشرة يبحث الباب الأول منها في حساب الصحاح وهو على ستة فصول: الفصل الأول في الجمع والثاني في التصنيف والثالث في التفريق اي الطرح والرابع في الضرب والخامس في القسمة والسادس في استخراج الجذر ويبحث الباب الثاني في الكسور وهو يحتوي على مقدمات ثلاث وفصول ستة فالمقدمات تتناول الكسور وأصولاتها الأولية ومعنى مخرج الكسور كيفية ايجاد مخارج عدة كسور اي كيفية ايجاد المضاعف المشترك الأصغر لمقامات عدة كسور وتتناول أيضا التجنيس والرفع، والمعنى المقصود من التجنيس: جعل الصحيح كسورا من جنس كسر معين والعمل فيه إذا كان مع الصحيح كسران تضرب الصحيح في مخرج الكسر وتزيد عليه صورة الكسر... ومن الرفع جعل الكسور صحيحا فإذا كان معنا كسر عدده أكثر من مخرجه قسمناه على مخرجه فالخارج صحيح والباقي كسر من ذلك المخرج....
ويأتي عند شرح كل من هذه البحوث بأمثلة تزيل من غموض الموضوع وتزيد في وضوحه أما الفصول الستة فتبحث عن جمع الكسور وتضعيفها، وتصنيفها، وتفريقها وضربها وقسمتها واستخراج جذورها ثم تحويل الكسر من مخرج إلى مخرج.
ويجد القارئ في الباب الثالث والرابع والخامس بحوثا في استخراج المجهولات وقد استعمل المؤلف ثلاث طرق إحداها طريقة الأربعة المتناسبة وهذه الطريقة يعرفها كل من له إلمام بالرياضيات الابتدائية والطريقة الثانية تعرف بحساب الخطأين هي غير مستعملة في الكتب الحديثة مع أنها كانت شائعة الاستعمال عند العرب في القرون الوسطى. والطريقة الثالثة وهي التي في الباب الخامس في استخراج المجهولات بالعمل بالعكس وقد يسمى بالتحليل والتعاكس وهو العمل بعكس ما أعطاه السائل فان ضعف فنصف وان زاد فأنقص، أو ضرب فاقسم، أو جذر فربع أو عكس فاعكس مبتدأ من آخر السؤال ليخرج الجواب....
ويحتوي الباب السادس على مقدمة وثلاثة فصول، فالمقدمة تبحث في المساحة وفي بعض تعاريف أولية عن السطوح والأجسام، والفصل الأول في مساحة السطوح المستقيمة والأضلاع كالمثلث والمربع والمستطيل والمعين والأشكال الرباعية والمسدس والمثمن والأشكال المستقيمة الأضلاع الأخرى. ويتناول الفصل الثاني والثالث طرفا لايجاد مساحة الدائرة والسطوح المنحنية الأخرى كالاسطوانة والمخروط التام والمخروط الناقص والكرة...
ويحتوي الباب السابع على ثلاثة فصول تبحث فيما يتبع المساحة من وزن الأرض لاجراء القنوات ومعرفة ارتفاع المرتفعات وعروض الأنهار وأعماق الآبار... ولهذه الأعمال والطرق براهين يقول عنها انه أوضحها وبينها في كتابه الكبير المسمى بجبر الحساب وان بعضا منها مبتكر وطريف لم يسبق اليه أورده في تعليقاته على فارسية الأسطرلاب. ويستعمل بهاء الدين طرقا أخرى غير التي ذكرها لاستخراج المجهولات وهنا يقبل على موضوع الجبر والمقابلة وهذا ما نجده في الباب الثامن المتكون من فصلين.
أحدهما في معنى المجهول اي س والمال اي س 2 والكعب اي س 3 ومال مال اي س 4 ومال كعب اي س 5 وكعب كعب اي س 6... وهكذا... وجزء الشئ اي... وجزء المال س: اي 1 س 2: اي 1 وجزء الكعب س 3: اي 1... س س 2 س 3 وفي كيفية ضرب هذه بعضها في بعض وقسمتها بعضها على بعض.
والفصل الثاني في المسائل الجبرية الست وهي عبارة عن أوضاع مختلفة للمعادلات وكيفية ايجاد المجهول منها اي حلها، ولولا الخوف من الإطالة لأتينا على أمثلة من ذلك. ويجدر بنا أن لا نترك هذا الباب من دون الإشارة إلى تعريف الآملي لكلمتي جبر ومقابلة ففي تفسير هاتين الكلمتين يقول:
انه عند حل مسالة من المسائل بطريقة الجبر والمقابلة تفرض المجهول شيئا اي س بالمعنى الجبري الحديث وتستعمل ما يتضمنه السؤال سالكا على ذلك المنوال لينتهي إلى المعادلة والطرف ذو الاستثناء يكمل ويزاد مثل ذلك على الآخر وهو الجبر. والأجناس المتجانسة المتساوية في الطرفين تسقط منها وهو المقابلة... ثم المعادلة...