ويبحث الشيخ العاملي في خواص الأعداد، ويعرف الأعداد التامة والمتحابة والمتوافقة والمتداخلة وغيرها، ويقدم قاعدة مبتكرة ليقين الأعداد التامة ثبتت صحتها حتى البلايين، وأمكن باستخدامها تعيين الأعداد التامة السبعة الأولى.
ويعرض العاملي لجمع المتواليات الرياضية، فيبين كيفية جمع الأعداد على النظم الطبيعي وهو ما نسميه اليوم بالمتوالية الحسابية، وجمع الأفراد دون الأزواج وعكسه، كذا جمع المربعات المتوالية وجمع الكعبات المتوالية.
اما في مجال الجبر والمقابلة، فان العاملي يعرف الشئ والمال والمكعب ومراتبها، اي المقدار المجهول ومربعه ومكعبه وما فوق ذلك على التوالي، ويشرح المسائل الجبرية الست، ويقدم حلول معادلة الدرجة الثانية، كذلك يبين العاملي تحويل الفرق بين مربعين مقدارين إلى حاصل ضرب مجموع المقدارين في الفرق بينهما، كما يعرض للمسائل السيالة وهي تسمية أطلقها العرب على المسائل التي يصح لها عدد غير محدود من الإجابات الصحيحة.
ويسوق العاملي بابا خاصا لتعيين مساحات الأشكال الهندسية المستوية وحجوم الأجسام المنتظمة، ويتناول بيان اعمال المساحة العملية وتقديم البراهين الهندسية على صحة الطرق المتبعة فيها، فيعرض لطرق قياس فرق المنسوب بفرض شق القنوات، وطرق تعيين علو المرتفعات وأعماق الآبار، كذا قياس ارتفاع الشمس دون أسطرلاب أو آلة ارتفاع.
ويفرد الشيخ العاملي خاتمة كتابه لسبع مسائل يسميها المستصعبات السبع وهي مسائل بعضها صعب وبعضها الآخر مستحيل الحل....
أحواله في السلافة تولده ببعلبك وانتقل به والده وهو صغير إلى إيران فنشأ في حجره بتلك الديار المحمية واخذ عن والده وغيره من الجهابذة كالعلامة عبد الله اليزدي حتى أذعن له كل مناضل ومنابذ فلما اشتد كاهله وصفت له من العلم مناهله ولي بها مشيخة الاسلام وفوضت اليه أمور الشريعة على صاحبها الصلاة والسلام ثم رغب في الفقر والسياحة واستهب من مهاب التوفيق رياحه فترك تلك المناصب ومال لما هو لحاله مناسب فقصد حج بيت الله الحرام وزيارة النبي وأهل بيته الكرام عليهم أفضل التحية والسلام ثم اخذ في السياحة فساح ثلاثين سنة وأوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة واجتمع في أثناء ذلك بكثير من أرباب الفضل والحال ونال من فيض صحبتهم ما تعذر على غيره واستحال ثم عاد وقطن ارض العجم وهناك همي غيث فضله وانسجم فألف وصنف وقرط المسامع وشنف وقصدته علماء تلك الأمصار واتفقت على فضله اسماعهم والأبصار وغالت تلك الدولة في قيمته واستمرت غيث الفضل من ديمته فوضعته على مفرقها تاجا وأطلعته في مشرقها سراجا وهاجا وتبسمت به دولة سلطانها الشاه عباس واستنارت بشموس رأيه عند اعتكار حنادس الياس فكان لا يفارقه سفرا ولا حضرا ولا يعدل عنه سماعا ونظرا لأخلاق لو مزج بها البحر لعذب طعما وآراء لو كحلت بها الجفون لم يلف أعمى وشيم هي في المكارم غرر وأوضاح وكرم بارق جوده لشائمه لامع وضاح فتفجر ينابيع السماح من نواله ويضحك ربيع الإفضال من بكاء عيون آماله وكانت له دار مشيدة البناء رحبة الفناء يلجأ إليها الأيتام والأرامل ويغدو عليها الراجي والآمل فكم مهد بها وضع وكم طفل بها رضع وهو يقوم بنفقتهم بكرة وعشيا ويوسعهم من جاهه جنابا مغشيا مع تمسك من التقى بالعروة الوثقى وايثار للآخرة على الدنيا والآخرة خير وأبقى ولم يزل آنفا من الانحياش إلى السلطان راغبا في الغربة عن الأوطان يؤمل العود إلى السياحة ويرجو الاقلاع عن تلك الساحة فلم يقدر له حتى وافاه حمامه وترنم على أفنان الجنان حمامه.
وقال تلميذه السيد حسين الكركي في بعض إجازاته كان يميل إلى التصوف كثيرا وكان منصفا في البحث كنت في خدمته منذ أربعين سنة في الحضر والسفر وكان له معي محبة وصداقة عظيمة سافرت معه إلى زيارة أئمة العراق عليهم الصلاة والسلام فقرأت عليه في بغداد وبلد الكاظمين وفي النجف الأشرف وحائر الحسن ع والعسكريين كثيرا من الأحاديث وأجازني في كل هذه الأماكن جميع كتب الحديث والفقه والتفسير وغيرها وكنت في خدمته في زيارة الرضا ع في السفر الذي توجه فيه النواب الأعلى خلد الله ملكه ابدا ماشيا حافيا من أصفهان إلى زيارته ع فقرأت عليه هناك تفسير الفاتحة من تفسيره المسمى بالعروة الوثقى وشرحيه على دعاء الصباح والهلال من الصحيفة السجادية ثم توجهنا إلى بلدة هرات التي كان سابقا هو ووالده فيها شيخ الاسلام ثم رجعنا إلى المشهد المقدس ومن هناك توجهنا إلى أصفهان ومن جملة ما قرأت عليه أولا في عنفوان الشباب ألفية ابن مالك في النحو ثم قرأت عليه رسائل متعددة من تصانيفه وشرح الأربعين حديثا الذي هو من تصانيفه وهذا التصنيف كان بامداد الفقير والتماسه وهو في غاية الجودة ونهاية الحسن لم يوجد مثله وقرأت عليه المجلد الأول من كتاب تهذيب الأخبار والمجلد الأول من الكافي لثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني والمجلد الأول من كتاب من لا يحضره الفقيه وأكثر كتاب الاستبصار الا قليلا من آخره قراءة وسماعا وقرأت عليه خلاصة الأقوال في معرفة الرجال ودراية والده ودرايته التي جعلها كالمقدمة لكتاب حبل المتين وقرأت عليه كتاب حبل المتين الذي خرج منه وأربعين حديثا التي ألفها الشهيد وقرأت عليه الحديث المسلسل بألقنمي الخبز والجبن وألقمني لقمة منها وقرأت عليه الرسالة المسماة بتهذيب البيان والفوائد الصمدية كلاهما من مصنفاته في النحو وتوفي في أصفهان سنة 1030 وقت رجوعنا من زيارة بيت الله الحرام ثم نقل إلى مشهد الرضا ع ودفن هناك في بيته قرب الحضرة المقدسة وقبره هناك مشهور بزوره الخاصة والعامة آه وفي تلك الأعصار التي كان فيها البهائي وأبوه وغيرهما مشائخ الاسلام في هرات وأصفهان كان الشهيد الثاني الذي هو أعلم منهم واجل قدرا يحرس الكرم في جبع وفي مضيعة العلماء جبل عامل وينقل الحطب على حماره لعياله بالليل ويبني مسجده في جبع بيده ويتجر بالشريط كما ذكره ابن العودي لتحصيل قوته ويسافر في تجارته مع الجمالة إلى الأمكنة البعيدة كالقسطنطينية وغيرها ولا يعامله الجمالة معاملة أحدهم بل يتعدون عليه وفي الوقت الذي كان فيه المحقق الكركي شيخ الاسلام بأصفهان نافذ الأمر مفوضة اليه جميع أمور السلطنة ويخرج في موكب الملوك كان سميه ومعاصره المحقق الميسي ينقل الحطب على حماره ليلا لتلاميذه في ميس ويعيش عيشة القناعة والفقر ويكون عند اهل جبل عامل أقل قدرا من بعض المتفقهة.
ومما يؤسف له ان الشيخ البهائي لم يدون اخباره في سياحته التي استغرقت