ويقول العلامة سمث في كتابه تاريخ الرياضيات في الصفحة 388 من الجزء الثاني عن هذا التفسير انه أوضح تفسير لكلمتي جبر ومقابلة.
قد لا يكون في بحوث الأبواب والفصول التي مرت شئ مبتكر أو جديد فقد سبقه إليها كثيرون من علماء العرب والمسلمين فهو لم يكن في ذلك إلا آخذا أو ناقلا على الرغم من وجود بعض طرق لم يسبق إليها.
ومن الحق ان نذكر انه قدم هذه البحوث والموضوعات في طرق واضحة جلية تسهل فهمها فهم البحوث والموضوعات وتناولها. وهذه هي ميزة بهاء الدين على غيره فقد استطاع ان يضع بحوث الحساب والمساحة والجبر التي يرى فيها أكثر الناس غموضا وصعوبة في قالب سهل جذاب وفي أسلوب سلس بدد شيئا من غموض الموضوع وأزال شيئا من صعوبته.
ونأتي الآن إلى الباب التاسع فنجد فيه كما يقول المؤلف: قواعد شريفة وفوائد لطيفة لا بد للحاسب منها ولا غناء له عنها وقد اقتصر في هذا الباب على اثنتي عشرة قاعدة وفائدة يدعي انها من مبتكراته وانه لم يسبقه أحد إليها، ولكن على ما أرجح ان في ادعائه هذا بعض المبالغة إذ أكثرية هذه القواعد كانت معروفة عند الذين سبقوه وهو لم يكن في وضعها كلها مبتكرا فقد تكون الطرق التي أتى بها مغايرة لطرق من تقدمه من العلماء العرب والمسلمين و لكنه في بعضها مبتكر وقد استعمل لها طرقا طريفة فيها بعض الابداع وفيها شئ من المهارة والمقدرة تدل على عمق في التفكير. وبعد ذكر هذه القواعد وكيفية تطبيقها يأتي إلى مسائل متفرقة بطرق مختلفة فيضعها في باب خاص هو الباب العاشر ويقول إن القصد من هذا الباب شحذ ذهن الطالب وتمرينه على استخراج المطلب ونراه يستعمل في حلول بعض هذه المسائل طرقا جبرية وفي البعض الآخر طرقا حسابية يجد فيها الطالب ما يشحذ ذهنه ويقوي فيه ملكة التفكير.
والآن نحن امام الخاتمة يستهلها المؤلف هكذا قد وقع للحكماء الراسخين في هذا الفن مسائل صرفوا في حلها أفكارهم ووجهوا إلى استخراجها أنظارهم وتوصلوا إلى كشف نقابها بكل حيلة وتوسلوا إلى رفع حجابها بكل وسيلة فما استطاعوا إليها سبيلا وما وجدوا عليها مرشدا أو دليلا فهي باقية على عدم الانحلال من قديم الزمان مستعصية على سائر الأذهان إلى هذا الآن....
ولقد أورد في هذه المسائل التي أعجزت علماء الرياضة وأنهكت قوى الحاسبين سبعا أتى بها على سبيل المثال. ثم يخرج من بعد ذكرها إلى مدح رسالته هذه وقد سماها بالجوهرة العزيزة ويقول إن فيها: من نفائس عرائس قوانين الحساب ما لم يجتمع إلى الآن في رسالة ولا في كتاب....
ويقول عنها أيضا على القارئ ان يعرف قيمتها ويعطيها حقها من الانصاف والتقدير وان يحول بينها وبين من لا يعرف مزاياها وان لا يزفها الا إلى حريص لأن كثيرا من مطالبها حري بالصيانة والكتمان حقيق بالاستتارة عن أكثر هذا الزمان، فاحفظ وصيتي إليك فالله حفيظ عليك... وليس في مدح بهاء الدين رسالته اي عجب فلقد كانت العادة عند مؤلفي زمانه والذين سبقوه ان يمتدحوا رسائلهم ومؤلفاتهم وان يسرفوا في ذلك ونظرة إلى كتب الأقدمين في اللغة والأدب والتاريخ وبقية العلوم تؤيد رأينا وتحققه.
ولكتاب الخلاصة شروح عديدة عرفنا منها شرحا لشخص اسمه رمضان، ولم يكن هذا الشرح معتبرا عند العلماء بل لم يكن له ميزة أو صفة خاصة وقد ظهر في زمن السلطان محمد خان ابن السلطان إبراهيم، وهناك أيضا شرح لعبد الرحيم بن أبي بكر المرعشلي أحد علماء الدولة العثمانية ويمتاز شرحه على غيره بالأمثلة المتعددة التي توضح كثيرا من المبادئ الصعبة والقوانين العويصة وفي هذا الشرح يتجلى للقارئ سعة اطلاع الشارح ووقوفه على العلوم الرياضية وهذا هو الذي ميزه على غيره من الشروح وهذا الذي جعله منهلا لكثيرين من العلماء. وقد طبع كتاب الخلاصة في كلكتا سنة 1812 وفي برلين سنة 1843 وقد ترجمه إلى الافرنسية الأستاذ مار في سنة 1864.
ويظهر ان بهاء الدين بدأ في تأليف كتابه المسمى بجبر الحساب ولكنه لم ينجزه فقد مات قبل الفراع منه، وفيه تفصيل لبراهين من النظريات الهندسية وقوانين المساحات والحجوم وبعض المبادئ الحسابية، وادخل فيه أيضا طرقا جديدة لحل مسائل مختلفة صعبة تشحذ الذهن وتمرنه على حل الأعمال المعقدة الملتوية.
وقالت جريدة السفير:
وصدر عن دار الشروق في بيروت وعن إدارة العلوم في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم كتاب الأعمال الرياضية لبهاء الدين العاملي بتحقيق وشرح وتحليل الدكتور جلال شوقي الأستاذ بكلية الهندسة في جامعة القاهرة.
جاء في التعريف: كتاب يبحث في تراث العرب في الرياضيات، فيقدم دراسة علمية لكتابات الشيخ بهاء الدين العاملي في كتابه خلاصة الحساب والجبر والمقابلة ويعرض لرياضياته في كتابه الكشكول ويشرحها شرحا وافيا مدعما بالتحليل الرياضي الشامل ويمتاز الشيخ العاملي العالم الموسوعي العربي بأنه قد رسم صورة واضحة وصادقة لمعارف العرب الرياضية في نهاية القرن السادس عشر الميلادي بعد أن جاب الأمصار العربية والاسلامية واطلع على اعمال العرب وفلاسفتهم زهاء ثلاثين عاما.
يبدأ الشيخ العاملي ببيان طرائف الحساب الأساسية من جمع وتفريق وضرب وقسمة واستخراج للجذور سواء بالنسبة للأعداد الصحيحة أو للكسور. كذا كيفية التحقق من سلامة أدائها بتطبيق قاعدة ميزان العدد، تلك القاعدة التي أطلق عليها الغرب تسمية القاعدة الذهبية. ويعرج العاملي بعد ذلك في استخراج المجهولات بطريق الأربعة المتناسبة، كذا بطريق حساب الخطأين، ثم بطريق العمل بالعكس، وقد عرض العاملي في مجال الحساب لكيفية استخراج المضمرات عن طريق تكوين معادلة بسيطة ذات مجهول واحد، كذلك لفكرة التباديل والتوافيق كايجاد عدد الكلمات التي تتركب من حروف المعجم بشروط خاصة، وأخيرا قدم العاملي طريقة قسمة مال على جماعة من المستحقين تزيد استحقاقاتهم على المال الموجود.