واني امرؤ لا يدرك الدهر غايتي * ولا تصل الأيدي إلى سبر أغواري أخالط أبناء الزمان بمقتضى * عقولهم كيلا يفوهوا بنكار وأظهر اني مثلهم تستفزني * صروف الليالي باحتلاء وامرار قال وطعن عليه بعض مشائخنا المعاصرين وقال في الحاشية هو المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني بان له بعض الاعتقادات الضعيفة كاعتقاد ان المكلف إذ بذل جهده في تحصيل الدليل فليس عليه شئ إذا كان مخطئا في اعتقاده ولا يخلد في النار وان كان بخلاف اهل الحق قال وهو باطل قطعا لأنه على هذا يلزم ان يكون معتقدو غير الحق من علماء اهل الضلال ورؤساء الكفار غير مخلدين في النار إذا وصلت شبههم وعقائدهم إلى هذا الحد آه ثم رد عليه صاحب اللؤلؤة بانا لا نسلم انهم بذلوا الجهد في تحصيل الدليل ولو بذلوه لوصلوا إلى الحق غالبا.
قال المؤلف: لا شئ أعجب من نسبة مثل الشيخ البهائي أحد اعلام الاسلام إلى التصوف المذموم اما التصوف الممدوح فعلى فرض ميله اليه لا ذم فيه عليه وهو ينقل في كشكوله كثيرا من أشعار الصوفية وأحوالهم ولعل من نسب اليه التصوف استفاده من أمثال ذلك. واما تعظيم المرتضى للصابي بعد موته ان صح ذلك فلا حذر فيه من موادة من جاد الله إذ المنهي عنه الموادة من حيث المحادة لما ان تعليق الحكم على الوصف يشعر بالعلية، اما الموادة لغرض صحيح فلا تتناولها الآية الكريمة، واما الحلاج المنسوب إلى سوء العقيدة فلسنا نظن بمثل شيخنا البهائي تعظيمه ولعله لم يطلع على فساد عقيدته أو لم يثبت عنده فسادها أو لم يصح عنه تعظيمه إياه. واما معاشرته كل اهل نحلة بالحسنى بحيث يظنون انه منهم فهو يدل على علو درجته واستحقاقه على صفات المدح. واما ازراء المجلسي عليه فلا نحتمله من مثل المجلسي في مثل البهائي. واما عدم توثيق التفريشي له فالرجاليون انما يهتمون بتوثيق رجال الحديث من أصحاب الأئمة ع الذين وقع الكلام في وثاقتهم وعدمها لا بتوثيق مشاهير العلماء الذين وثاقتهم أشهر من النور على الطور وليس التفريشي الذي يحتاج إلى توثيقة البهائي أعرف في الوثاقة من البهائي ولا المحدث الجزائري الذي دغدغ أولا في وثاقته ثم تفضل عليه بالشهادة بوثاقته والاعتماد عليه في النقل والفتوى يدانيه في علم وفضل ووثاقة فضلا عن أن يحتاج إلى شهادته له واما طعن البحراني عليه في قوله بمعذورية من بذلك جهده فكفى في رده كلام صاحب اللؤلؤة وما أحق هؤلاء بقول القائل:
كضرائر الحسناء قلن لوجهها * حسدا وبغيا انه لدميم والحاصل انه إذا تطرق الشك إلى وثاقة البهائي لم يبق ثقة في الدنيا وما الوسوسة في وثاقة البهائي الا كالوسوسة في اعجاز القرآن وبلاغة نهج البلاغة وشجاعة علي بن أبي طالب ع وكرم حاتم وشاعرية امرئ القيس ووجود مكة المكرمة.
وللبهائي رحمه الله كلام معروف في مسالة الضد ذكره في زبدة الأصول نفى فيه فائدة الخلاف فقال إن الأمر بالشئ لو لم يقتض النهي عن ضده فهو يقتضي عدم الأمر بضده إذ لا يمكن الأمر بالضدين في آن واحد فإذا كان الضد عبادة فسد لأن العبادة لا تصح بدون امر ويكفي في فسادها عدم الأمر ولا يحتاج إلى النهي و لكن المتأخرين قالوا بامكان الأمر بالضدين في وقت واحد أحدهما منجز والآخر معلق على عصيان الأول وهو الحق كما حقق في محله.
لغز في علي عمل الشيخ البهائي عليه الرحمة لغزا في اسم علي ع وكأنه أرسله إلى والده وهو: يا ثقتي ورجائي ومن به في الدارين افتدائي استدعي منكم الأخبار عن اسم عدد أفراده بعده لطائف الأركان ومن اجزائه عرق أبواب الجنان ويذكرونه مع الله المنان في اوله بصيرة المخلوقات وثانيه تالي اسم الذات وآخره أول مراتب العشرات ويحصل منه الايمان بالزبر والبينات أول أفراده رأس العرب والعجم وآخر اجزائه مساو للاسم الأعظم صورته بالاستعلاء موصوف ومسماه في السماوات والأرضين معروف وآخر آخره صدر الحروف اوله مدار الدنيا وبآخره تتم العقبى ولولا وسطه لكان معه وما ان نقص ثلاثة من ثلثه بقي ثلاثة وان زيد ثلاثة على ثلثه جعل ثلث ثلاثة لولا اوله لكان رأس العمر مقطوعا وإن لم يكن آخر ثانيه واسطة العمر لكان بقطعتين مكسولا من وجد بأوله نصيبا فقد كان غنيا ومن عري فلا يرى من العيش نصيبا ولو كان اوله لآخرته لم يكن فقيرا آخره رأس اليقين وبجزئي اوله يتم الدين الحروف مندرج بين جزئي آخره بالتمام وبآخره يبني حروف كل كلام والسلام خير ختام.
مشائخه من علماء الشيعة قرأ على أبيه الامام المحقق كما مر ويروي عنه قراءة وسماعا وإجازة لجميع ما للإجازة فيه مدخل من سائر العلوم العقلية والنقلية لا سيما كتب الحديث والتفسير والفقه من طرفنا وطرف العامة بحق روايته عن شيخنا الامام قدوة المحققين الشهيد الثاني طاب ثراه حسبما ذكره في اجازته الطويلة وقرأ أيضا في إيران على جماعة من الجهابذة كالمولى عبد الله اليزدي كما من عن السلافة وعن رجال النيسابوري ان أساتيذه ورؤساء سلسلة أساتيذه الذين اخذ عنهم الحديث وغيره بالقراءة وغيرها من علماء الإمامية وغيرهم هم أيضا جماعة وفي روضات الجنات بعد نقل ذلك الا اني مهما تصفحت كتب الإجازات والرجال لم أعثر على شيخ له في الرواية لأحاديث الشيعة الإمامية ومصنفاتهم غير والده وأستاذه آه.
مشائخه من علماء اهل السنة والسند المسلسل بالمحمدين في اللؤلؤة: واما كتاب صحيح البخاري فنرويه بالاستناد عن شيخنا البهائي قدس الله روحه عن محمد بن محمد بن محمد بن أبي اللطف المقدسي عن أبيه محمد بن محمد عن شيخه كما الدين محمد بن أبي الشريف المقدسي عن أبي الفتح محمد بن أبي بكر عن أبي الحسين محمد المراغي عن أبي عبد الله محمد بن إسماعيل القرشيدي عن السيد أبي عبد الله محمد ابن سيف الدين قليج بن كيكذي العلائي عن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن مسلم بن محمد بن مالك الحنبلي عن أبي عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد المقدسي عن أبي طاهر محمد بن عبد الواحد البزاز عن محمد بن أحمد بن حمدان عن محمد بن اليتم عن محمد بن يوسف الغريري عن محمد بن إسماعيل البخاري بكتابه المذكور وجميع مصنفاته إلى أن قال في اللؤلؤة: وهذا السند من غريب الأسانيد باتفاق