المسعودي وقد عارضه في هذه القصيدة جماعة من الشعراء منهم أبو القاسم علي بن محمد بن أبي الفهم الأنطاكي التنوخي وعدد جمعا ممن عارضها قال ابن خلكان وقد اعتنى بهذه المقصورة خلق من المتقدمين والمتأخرين وشرحوها وتكلموا على ألفاظها ومن أجود شروحها وابسطها شرح الفقيه أبي عبد الله محمد بن أحمد بن هشام بن إبراهيم اللخمي السبيتي المتوفى في حدود سنة 570 وشرحها الإمام أبو عبد الله بن جعفر المعروف بالقزاز صاحب كتاب الجامع في اللغة وشرحها غيره آه قال السيوطي في بغية الوعاة وقد تكلف ابن الأنباري نظم أبيات جعلها مطلعا لها فقال:
شرد عن عيني الكرى طيف سرى * من أم عمرو في غياهيب الدجى زار وسادي والظلام عاكف * وأنجم الليل مديدات الطلى اهلا بشخص ما رأينا مثله * في يقظة تزهو لنا طول المدى إذ نحن نزهو والزمان مولع * باعين الغيد وأجياد الظبا نواعس مثل ألمها نواهد * خمص البطون عاليات المنتمى والغانيات لا يردن من بدا * في عارضيه الشيب لو رام الصبا لما رأت شيبي عم مفرقي * قالت غبار يا خليلي ما أرى ولم تزل تمسحها بمرطها * والقلب منها بين ياس ورجا قلت موعظة لعلها * تقي صروف ما رأت بي قد علا يا ظبية أشبه شئ بالمها * راتعة بين الهضيم والحشا وفي نزهة الألباء من شعره المقصورة المشهورة ومنه أيضا القصيدة المشهورة التي جمع فيها بين المقصور والممدود.
وله يمدح أبا احمد حجر بن أحمد الجويمي المتوفى سنة 324 وكان من اهل الفضل بجويم ونواحي فارس:
نهنه بوادر دمعك المهراق * اي ائتلاف لم يرع بفراق حجر بن أحمد فارع الشرف الذي * خضعت لعزته طلى الأعناق قبل أنامله فلسن أناملا * لكنهن مفاتح الارزاق وانظر إلى النور الذي لو أنه * للبدر لم يطبع برين محاق وقال في النرجس:
عيون ما يلم بها رقاد * ولا يمحو محاسنها السهاد إذا ما الليل صافحها استهلت * وتضحك حين ينحسر السواد لها حدق من الذهب المصفى * صياغة من يدين له العباد وأجفان من الدر استفادت * ضياء مثله لا يستفاد على قصب الزبرجد في ذراها * لأعين من يلاحظها مراد وله:
ودعته حين لا تودعه * روحي و لكنها تسير معه ثم افترقنا وفي القلوب لنا * ضيق مكان وفي الدموع سعة وكتب ابن دريد إلى عيسى بن داود الجراح الوزير:
أبا حسن والمرء يخلق صورة * تخبر عما ضمنته الغرائز إذا كنت لا ترجى لنفع معجل * وأمرك بين الشرق والغرب جائز ولم تك يوم الحشر فينا مشفعا * فرأي الذي يرجوك للنفع عاجز علي بن عيسى خير يوميك ان ترى * وفضلك مأمول ووعدك ناجز واني لأخشى بعد هذا بان ترى * وبين الذي تهوى وبينك حاجز ومن شعره:
وقد ألفت زهر النجوم رعايتي * فان غبت عنها فهي عني تسائل يقابل بالتسليم منهن طالع * ويومئ بالتوديع منهن آفل وله يرثي عبد الله بن عمارة:
بنفسي ثرى ضاجعت في بيته البلى * لقد ضم منك الغيث والليث والبدرا فلو أن حيا كان قبرا لميت * لصيرت أحشائي لأعظمه قبرا ولو أن عمري كان طوع إرادتي * وساعدني المقدار قاسمتك العمرا وما خلت قبرا وهو أربع أذرع * يضم ثقال المزن والطود والبحرا ومن شعره قوله:
عانقت منه وقد مال النعاس به * والكاس تقسم سكرا بين جلاس ريحانة ضمخت بالمسك ناضرة * تمج برد الندى في حر أنفاسي وكتب ابن دريد إلى أبي علي أحمد بن محمد بن رستم:
حجابك صعب يجبه الحر دونه * وقلبي إذا سيم المذلة أصعب وما أزعجتني نحو بابك حاجة * فأجشم نفسي رجعة حين احجب ووعد ابن دريد أبا الحسين عمر بن محمد بن يوسف القاضي ان يصير اليه فقطعه المطر فكتب اليه ابن دريد:
مناويك في بذل النوال وانه * ليعجز عن أدنى مداك ويحسر عداني عن حظي الذي لا أبيعه * بأنفس ما يحظى به المتخير لم الغيث واعذر من لقاؤك عنده * يعادل نيل الخلد بل هو أكبر فأجابه أبو الحسين:
على الرسل في بري فقد عظم الشكر * ولم اك ذا شكر وان جل ما يعرو مدائح مثل الغيث جادت عيونها * سحاب توالى من جوانبه قطر وحدث المرزباني عن ابن دريد قال خرجت أريد زهران بعد دخول البصرة فمررت بدار كبيرة قد خربت فكتبت على حائطها:
أصبحوا بعد جميع فرقا * وكذا كل جميع مفترق فمضيت ورجعت وإذا تحته مكتوب:
ضحكوا والدهر عنهم صامت * ثم أبكاهم دما حين نطق قال ابن دريد: وخرجنا نريد عمان في سفرنا فنزلنا بقرية تحت نخل فإذا بفاختتين تتزاقان فسنح لي ان قلت:
أقول لورقاوين في فرع نخلة * وقد طفل الإمساء أو جنح العصر وقد بسطت هاتا لتلك جناحها * ومر على هاتيك من هذه النحر ليهنكما إن لم تراعا بفرقة * وما دب في تشتيت شملكما الدهر فلم أر مثلي قطع الشوق قلبه * على أنه يحكي قساوته الصخر ومن شعره قوله:
غراء لو جلت الخدود شعاعها * للشمس عند طلوعها لم تشرق غصن على دعص تأود فوقه * قمر تألق تحت ليل مطبق لو قيل للحسن احتكم لم يعدها * أو قيل خاطب غيرها لم ينطق