سأل أن يحضر إلى دمشق وكان يخاف جماعة المماليك لأنه كان أساء إليهم وعاملهم أقبح معاملة فكلهم عليه حنق لا سيما في الحادثة التي خرج فيها شمس الملوك وقد تقدمت فإنه أشار بقتل جماعة برأيه وبقتل سونج بن تاج الملوك فصاروا كلهم أعداء مبغضين.
فلما طلب الأمان والحضور إلى دمشق أجيب إلى ذلك فأنكر جماعة الأمراء والمماليك قربه وخافوه أن يفعل بهم مثل فعله الأول فلم يزل يتوصل معهم حتى حلف لهم واستحلفهم وشرط على نفسه أنه لا يتولى من الأمور شيئا.
ثم إنه جعل يدخل نفسه في كثير من الأمور فاتفق أعداؤه على قتله فبينما هو يسير مع شهاب الدين وإلى جانبه أمير اسمه بزاوش يحادثه إذ ضربه بزاوش بالسيف فقتله فحمل ودفن في تربة والده بالعقيبة.
ثم إن بزاوش والمماليك خافوا فلم يدخلوا البلد ونزلوا بظاهره وأرسلوا يطلبون قواعد استطالوا فيها فأجابهم إلى البعض فلم يقبلوا منه ثم ساروا إلى بعلبك وبها شمس الملوك محمد بن تاج الملوك صاحبها فصاروا معه فالتحق بهم كثير من التركمان وغيرهم وشرعوا في العيث والفساد واقتضت الحال مراسلتهم وملاطفتهم وإجابتهم إلى ما طلبوا واستقرت الأحوال على ذلك وحلف كل منهم لصاحبه فعادوا إلى ظاهر دمشق ولم يدخلوا البلد.
وخرج شهاب الدين صاحب دمشق إليهم واجتمع بهم وتجددت الأيمان وسار بزاوش مقدم العسكر وإليه الحل والعقد وذلك في شعبان وزال الخلف ودخلوا البلد والله أعلم.