ربع بلادك بالفرنج وهم أشجع العالم فأخذت معظم بلادهم وأسرت ملوكهم ولا يحل لي السكوت عنك فإنه يجب علينا القيام بحفظ ما أهملت وإزالة الظلم عن المسلمين.
فأقام نور الدين على الموصل فعزم من بها من الأمراء على مجاهرة فخر الدين عبد المسيح وتسليم البلد إلى نور الدين فعلم ذلك فأرسل إلى نور الدين في تسليم البلد إليه على أن يقره بيد سيف الدين ويطلب لنفسه الأمان ولما له فأجابه إلى ذلك وشرط أن فخر الدين يأخذه معه إلى الشام ويعطيه عنده إقطاعا يرضيه فتسلم البلد ثالث عشر جمادى الأولى من هذه السنة ودخل القلعة من باب السر لأنه لما بلغه عصيان عبد المسيح عليه حلف أن لا يدخلها إلا من أحصن موضع فيها ولما ملكها أطلق ما بها من المكوس وغيرها من أبواب المظالم وكذلك فعل بنصيبين وسنجار والخابور وهكذا كان جميع بلاده من الشام ومصر.
ووصله، وهو على الموصل يحاصرها خلعة من الخليفة المستضيء بأمر الله فلبسها ولما ملك الموصل خلعها على سيف الدين ابن أخيه وأمره وهو بالموصل بعمارة الجامع النوري وركب هو بنفسه إلى موضعه فرآه وصعد منارة مسجد أبي حاضر فأشرف منها على موضع الجامع فأمر أن يضاف إلى الأرض التي شاهدها ما يجاورها من الدور والحوانيت وأن لا يؤخذ منها شيء بغير اختيار أصحابه وولي الشيخ محمد لملا عمارته وكان من الصالحين الأخيار فاشترى الأملاك من أصحابها بأوفر الأثمان وعمره فخرج عليه أموال كثيرة وفرغ من عمارته سنة ثمان وستين وخمسمائة.
وأما نور الدين فإنه عاد إلى الشام واستناب في قلعة الموصل خصيا كان له اسمه