ولما حكي لي هذه الحكاية لم أسأله عن تاريخها وإنما كان في هذه المدة في تلك البلاد فلهذا أثبتها هذه السنة على الظن والتخمين.
وفيها قبض المؤيد أي أبه صاحب نيسابور على وزيره ضياء الملك محمد بن أبي طالب سعد بن أبي القاسم محمود الرازي وحبسه واستوزر بعده نصير الدين أبا بكر محمد بن أبي نصر محمد المستوفي وهو من أعيان الدولة السنجرية.
وفي هذه السنة وردت الأخبار أن الناس حجوا سنة تسع وخمسين ولقوا شدة وانقطع منهم خلق كثير في فيدوا الثعلبية وواقصة وغيرها وهلك كثير ولم يمض الحجاج إلى مدينة النبي، صلى الله عليه وسلم، لهذه الأسباب ولشدة الغلاء فيها وعم ما يقتات ووقع الوباء في البادية وهلك منهم عالم لا يحصون وهلكت مواشيهم وكانت الأسعار بمكة غالية.
وفيها في صفر قبض المستنجد بالله على الأمير توبة بن العقيلي وكان قد قرب منه قربا عظيما بحيث يخلو معه وأحبه المستنجد محبة كثيرة فحسده الوزير ابن هبيرة فوضع كتبا من العجم مع قوم وأمرهم أن يتعوضوا فيؤخذوا ففعلوا ذلك وأخذوا وأحضروا عند الخليفة فأظهروا الكتب بعد الامتناع الشديد فلما وقف الخليفة عليها خرج إلى نهر الملك يتصيد وكانت حلل توبة على الفرات فحضر عنده فأمر بالقبض عليه فقبض وأدخل بغداد ليلا وحبس فكان آخر العهد به فلم يمنح الوزير بعده بالحياة بل مات بعد ثلاثة أشهر وكان توبة من أ: مل العرب مروءة وعقلا وسخاء وإجازة واجتمع فيه من خلال الكمال ما تفرق في الناس.