فلما سمع محمد شاه ذلك جد في القتال لعله يبلغ مناه فلم يقدر على شيء ورحل عتها نحو همذان في الرابع والعشرين من ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة.
وعاد زين الدين إلى الموصل وتفرق ذلك الجمع على عزم العود إذ فرغ محمد شاه من إصلاح بلاده فلم يعودوا يجتمعون وفي كثرة حروبهم لم يقتل بينهم إلا نفر يسير وإنما الجراح كان كثيرة، ولما ساروا نهبوا يعقوبا وغيرها من طريق خراسان.
ولما رحل العسكر عن بغداد أصاب أهلها أمراض شديدة حادة وموت كثير للشدة التي مرت بهم؛ وأما ملكشاه وإيلدكز ومن معهما فإنهم ساروا من همذان إلى الري فخرج إليهم إينانج شحنتها وقاتلهم فهزموه فأرسل الملك محمد الأمير سقمس بن قيماز الحرامي في عسكر نجدة لإينانج فسار سقمس وكان إيلدكز وملكشاه ومن معهما قد عادوا من الري يريدون محاصرة الخليفة فلقيهم سقمس وقاتلهم فهزموه ونهبوا عسكره وأثقالهم فاحتاج الملك محمد إلى الإسراع فسار فلما بلغ حلوان بلغه أن إيلدكز بالدينور وأتاه رسول من نائبه اينانج أنه دخل همذان وأعاد الخطبة له فيها فقويت نفسه وهرب شملة صاحب خوزستان إلى بلاده وتفرق أكثر جمع إيلدكز وملكشاه وبقيا في خمسة آلاف فارس فعادا إلى بلادهما شبه الهارب.
ولما دخل محمد شاه همذان أراد التجهيز لقصد بلاد إيلدكز فابتدأ به مرض السل وبقي به إلى أن مات.