في الجانب الغربي، وأمر الخليفة فنودي كل من جرح فله خمسة دنانير فكان كلما جرح إنسان يحضر عند الوزير فيعطيه خمسة دنانير فاتفق أن بعض العامة جرح جرحا ليس بكبير فحضر إلى الوزير يطلب الدنانير فقال له الوزير ليس هذا الجرح بشيء فعاود القتال فضرب فانشقت جوفه وخرج شيء من شحمها فحمل إلى الوزير فلما رآه قال يا مولانا الوزير أيرضيك هذا فضحك منه وأضعف له ورتب له من يعالج جراحته إلى أن برئ.
وتعذرت الأقوات في العسكر إلا أن اللحم والفواكه والخضر كثيرة وكانت الغلات ببغداد كثيرة لأن الوزير كان يفرقها في الجند عوض الدنانير يبيعونها فلم تزل الأسعار عندهم رخيصة إلا أن اللحم والفاكهة والخضر قليل عندهم.
واشتد الحصار على أهل بغداد لانقطاع المواد عنهم وعدم المعيشة لأهلها وكان زين الدين وعسكر الموصل غير مجدين في القتال لأجل الخليفة والمسلمين وقيل لأن نور الدين محمود ابن زنكي وهو أخو قطب الدين صاحب الموصل الأكبر أرسل إلى زين الدين يلومه على قتال الخليفة ففتر وأقصر.
ولم تزل الحرب في أكثر الأيام وعمل السلطان محمد شاه أربعمائة سلم ليصعد الرجال فيها إلى السور وزحفوا وقاتلوا ففتح أهل بغداد أبواب البلد وقالوا أي حاجة بكم إلى السلالم هذه الأبواب مفتحة فأدخلوا منها فلم يقدروا على أن يقربوها. فبينما الأمر على ذلك إذ وصل الخبر إلى السلطان محمد أن أخاه ملكشاه وإيلدكز صاحب بلاد أران ومعه الملك أرسلان ابن الملك طغرل بن محمد وهو ابن امرأة إيلدكز قد دخلوا همذان واستولوا عليها وأخذوا أهل الأمراء الذين مع محمد شاه وأموالهم،