فلما رأى أبوه تغلبه عليه أخرج له خادما من خدم القصر الأكابر فجمع الجموع وحشد من الرجالة خلقا كثيرا وتقدم إلى القاهرة ليقاتل حسنا ويخرجه منها فأرسل له جماعة من خواصه وأصحابه فقاتلوهم فانهزم الخادم وقتل الرجال الذين معه وعبر الباقون إلى الجيزة فاستكان الحافظ فصبر تحت الحجر. ثم إن الباقين من الأمراء المصريين اجتمعوا واتفقوا على قتل حسن وأرسلوا إلى أبيه الحافظ وقالوا له إما أنك تسلم ابنك إلينا لنقتله أو نقتلكما جميعا فاستدعى ولده إليه واحتاط عليه وأرسل إلى الأمراء بذلك فقالوا لا نرضى إلا بقتله فرأى أنه إن سلمه إليهم طمعوا فيه وليس إلى إبقائه سبيل، فأحضر طبيبين كانا له أحدهما مسلم والآخر يهودي فقال لليهودي نريد سما نسقيه لهذا الولد ليموت ونخلص من هذه الحادثة فقال أنا لا أعرف غير النقوع وماء الشعير وما شاكل هذا من الأدوية فقال أنا أريد ما أخلص به من هذه المصيبة فقال له لا أعرف شيئا فأحضر المسلم وأمره بذلك فصنع له شيئا فسقاه الولد فمات لوقته فأرسل الحافظ إلى الجند يقول لهم إنه قد مات فقالوا نريد ننظر إليه فأحضر بعضهم عنده فرأوه وظنوه قد عمل حيلة فجرحوا أسافل رجليه فلم يجر منها دم فعلموا موته وخرجوا.
ودفن حسن وأحضر الحافظ الطبيب المسلم وقال له أخرج من عندنا من القصر وجميع مالك من الإنعام والجامكية باق عليك وأحضر اليهودي وقال أعلم أنك تعرف ما طلبته منك ولكنك عاقل فتقيم في القصر عندنا.
وكان حسن سئ السيرة ظالما جريئا على سفك الدماء وأخذ الأموال، فهجاه الشعراء فمن ذلك ما قال المعتمد بن الأنصاري صاحب الترسل المشهور:
(لم تأت يا حسن بين الورى حسنا * ولم تر الحق في دنيا ولا دين)