على مال يؤديه إليهم فأجابوه إلى إطلاقه إذا حضر المال فأرسل في إحضاره فمضى بعضهم إلى أبي بكر بن الداية نائب نور الدين بحلب فأعلمه الحال فسير عسكرا معه فكبسوا أولئك التركمان وجوسلين معهم فأخذوه أسيرا وأحضروه عنده وكان أسره من أعظم الفتوح لأنه كان شيطانا عاتيا شديدا على المسلمين قاسي القلب وأصيبت النصرانية كافة بأسره.
ولما أسر سار نور الدين إلى قلاعه فملكها وهي تل باشر وعين تاب وإعزاز وتل خالد وقورس والراوندان وبرج الرصاص وحصن البارة وكفر سود وكفرلاثا ودلوك ومرعش ونهر الجوز وغير ذلك من أعماله في مدة يسيرة يرد تفصيلها.
وكان نور الدين كلما فتح منها حصنا نقل إليه من كل ما تحتاج إليه الحصون خوفا من نكثة تلحق المسلمين من الفرنج فتكون بلادهم غير محتاجة إلى ما يمنعها من العدو ومدحه الشعراء فممن قال فيه القيسراني من قصيدة في ذكر جوسلين:
(كما أهدت الأقدار للقمص أسره * وأسعد قرن من حواه لك الأسر) (طغى وبغى عدوا على غلوائه * فأوبقه الكفران عدواه والكفر) (وأمست عزاز كاسمها بك عزة * تشق على النسرين لو أنها وكر) (فسر واملك الدنيا ضياء وبهجة * فبالأفق الداجي إلى ذا السنا فقر)