اعتبار يوم القبض نظر، لأنه ثم لم يكن مضمونا، فينبغي على ذلك اعتبار المثل يوم الضمان) وهو كذلك، فلو كان الرهن يوم القبض سمينا فهزل قبل التفريط ثم فرط فيه ضمنه بمثله الصوري من يوم التفريط لا القبض كما هو واضح، ودعوى أن التفريط يوجب رد المقبوض يوم القبض، كما ترى، مع أنه لا تخص القول بضمان القيمي بمثله.
وبالجملة هذا القول على كل حال في غاية الضعف، ومثله في ذلك القول بضمان أعلى القيم من حين القبض إلى حين التلف، وإن قال في المسالك: (أنه نسب إلى الشيخ في المبسوط) بل عن الصيمري أنه قول مشهور، نقله فخر الدين واختاره، بل في الرياض (أنه مشهور في المصنفات ولعله أحوط وأجود، إما لكونه كالغاصب فيؤخذ بأشق الأحوال، أو لاقتضاء الشغل الذمة اليقيني البراءة كذلك، ولا تحصل إلا بذلك).
لكن فيه ما عرفت من أنه لا وجه لضمان القيمة قبل حصول سبب الضمان، والمشابهة للغاصب إنما تحصل بالتفريط لا قبله، والبراءة اليقينية أو ما بمنزلتها تحصل بما دل على ضمانه يوم التلف، على أن الظاهر عدم كون المقام مما يجب فيه يقين البراءة لعدم الاجمال في موضع التكليف، بل هو من الشك في الأقل والأكثر، مع عدم توقف صحة الأول على الثاني، فأصل البراءة محكم في نفسه إذ هو كالشك في شغل الذمة لشخص بالأقل أو الأكثر، وكالشك في وجوب قضاء فريضة عليه أو أزيد ونحو ذلك، فلا ريب حينئذ في ضعف هذا القول، ومشاركته في عدم المستند للأول، وأضعف منهما ما عن الإسكافي من أنه أعلى القيم من يوم التلف إلى يوم حكم الحاكم عليه أو إلى المطالبة بها كما في نقل آخر عنه، ولعلهما بمعنى، كما أن فسادهما معا على تقدير اختلافهما واضح، ضرورة تعلق الضمان حال التلف من غير مدخلية للمطالبة أو حكم الحاكم. نعم قد يقوى ضمان أعلى القيم من حين التفريط إلى حين التلف، كما عن المختلف والصيمري وابن فهد. لأنه حينئذ كالغاصب، ولتضرر المالك بما فات في يده من تفاوت القيمة.