كما أنه قد يمنع وجوب اعتبار ضبط الوصف سابقا على القرض في صحته، على وجه لا يجدي اعتباره بعد القرض والقبض، لعدم الدليل الصالح لتقييد الاطلاق المعتضد باطلاق جملة من الأصحاب الذين لم يذكروا هذا الشرط كبني زهرة وحمزة وإدريس و غيرهم، والتعليل بأن ذلك مقدمة للوفاء لا يقضي بالاشتراط المزبور، بل قد يقال:
بعدم فساد القرض بالاخلال به أصلا، إذ أقصاه ثبوت مثله أو قيمته في الذمة، فإن علما ببينة ونحوها وجب تأديتهما، وإلا رجع إلى الصلح.
وكذلك الكلام في القدر، خصوصا مع إرادة المعتاد منه، كما صرح به بعضهم ويقتضيه ظاهر الاطلاق، فلا يجدي المكيال المجهول والصنجة المجهولة، وخصوصا مع إرادة اعتبار ذلك حتى فيما يكفي في بيعه المشاهدة، كالتبن والحطب ونحوهما، لتوقف إثبات عوضه في الذمة على الاعتبار المزبور، فهو كالسلم فيه.
ولذا قال في المسالك: الضابط في قرض المثلي اعتبار ما يعتبر في السلم من الكيل والوزن والعدد، إلى أن قال: وحينئذ فلو أقرض المقدر غير معتبر لم يفد الملك، ولم يجز التصرف فيه، وإن اعتبره بعد ذلك، ولو تصرف فيه قبل الاعتبار ضمنه، وتخلص منه بالصلح كما هو وارد في كل ما يجهل قدره وقال في التذكرة (تارة يجب في المال أن) يكون معلوم القدر ليتمكن من قضائه، وأخرى قد بينا أنه لا يجوز إقراض المجهول، لتعذر الرد، فلو أقرضه دراهم أو دنانير غير معلومة الوزن أو قبة من طعام غير معلومة الكيل ولا الوزن، أو قدرها بمكيال معين أو صنجة معينة غير معروفين عند الناس لم يصح، وقال في التحرير (لا يجوز اقتراض المكيل والموزون جزافا، وكذا لو قدره بمكيال بعينه أو صنجة معينة غير معروفين عند العامة، ولو كانت الدراهم مما يتعامل بها عددا اشترط تعيين العدد، ويرد عددا وإن استقرض وزنا رد وزنا، وكذا كل معدود يجب معرفة عدده وقت الاقراض) وقال في الإرشاد (وكل مضبوط بما يرفع الجهالة من الأوصاف يصح إقراضه، فإن كان مثليا ثبت في الذمة مثله، وإلا القيمة وقت التسليم) وفي الدروس (إنما يصح القرض مع الملك أو إجازة المالك، وعلم العين بالمشاهدة فيما يكفي فيه، وبالاعتبار كيلا ووزنا أو عددا فيما شأنه ذلك، ويجوز إقراض الخبز