شدة حاجة الناس إلى براءة الذمة.
لكن قد يدعى ظهور كلمات الأصحاب في وجوب الدفع مع المطالبة، وعدم وجوب القبول مع عدمها وإن دفع، وهو لا يخلو من وجه، بل قوة وإن لم يكن ذلك محرزا في كلامهم، كما أنه لم يحرز فيه جواز قرض المثلي مشترطا عوضه القيمة، كما سمعته عن الشافعي في الخبز، وكذا قرض القيمي مشترطا مثله الصوري بناء على ضمانه بالقيمة مع الاطلاق، وعلى العكس العكس، ولعل إطلاق أدلة القرض و عموم (1) (المؤمنون عند شروطهم) يقضي بجوازه ما لم يندرج تحت جر النفع، كما إذا اشترط الزيادة في قيمته.
(و) على كل حال ف (ما ليس كذلك) بل كانت أجزاؤه مختلفة في القيمة والمنفعة، يجوز قرضه عندنا، إذا كان مما يضبطه الوصف، بل لا خلاف أجده فيه لاطلاق الأدلة، ولخصوص فعل النبي صلى الله عليه وآله (2) المتمم بعدم القول بالفصل، و المشهور نقلا وتحصيلا أنه (يثبت في الذمة قيمته وقت التسليم) الذي هو أول أوقات ملك المقترض، وهو المراد من تعبير بعضهم وقت القرض، لغلبة اتصاله به، بل الغالب وقوع القبول به أو مقارنا له، ولا اعتبار هنا بوقت المطالبة أو الأداء قطعا كما هو واضح.
والوجه في ثبوت القيمة أن القرض قسم من الضمانات وإن توقف على التراضي ولا ريب في أن ضمان القيمي بالتلف وغيره بالقيمة لا المثل، بل يمكن تحصيل الاجماع عليه هناك وإن كان يظهر من الشهيد في الدروس أن ميل المصنف هنا إلى أن الضمان بالمثل جار فيها أيضا، لكن هو وغيره صرح في باب الغصب بأن ضمان القيمي بالقيمة فلاحظ وتدبر، ولعلها لأنها البدل عن العين عرفا في الغرامات، باعتبار عدم تساوي جزئيات العين المضمونة، واختلاف صفاتها، فالقيمة حينئذ أعدل خصوصا في مثل الحيوان الذي لم يعرف الباطن منه، ولا كثير من صفاته.