لكن قال المصنف هنا (ولو قيل يثبت مثله) في الذمة (أيضا) كالمثلي (كان حسنا) لأنه أقرب إلى الحقيقة من القيمة، ولما روي عن النبي (1) صلى الله عليه وآله أنه أخذ قصعة امرأة كسرت قصعة أخرى) (2) وحكم بضمان عايشة إناء حفصة وطعامها بمثلهما) (3) وأنه استقرض بكرا ورد بازلا تارة، وأخرى استقرض بكرا فأمر برد مثله.
وفي الدروس والمسالك نسبة المصنف إلى الميل إليه، بل في الثاني أنه لعله أفتى به إلا أنه لا يعلم به قائل من أصحابنا، كما يشعر به قوله، ولو قيل، كما أنه في الأول وتظهر الفائدة فيما إذا وجد مثله من كل الوجوه التي لها مدخل في القيمة ودفعه الغريم، فعلى الثاني يجب القبول، وعلى المشهور لا يجب، وفيما إذا تغيرت أسعار القيمي فعلى المشهور المعتبر قيمته يوم القبض، وعلى الآخر يوم دفع العوض، وهو ظاهر الخلاف.
قلت: ومنه يعلم موافقته للمصنف، كما أن ظاهر التذكرة ذلك أيضا وإن كان لم يطلق كاطلاق المصنف، قال: (مال القرض إن كان مثليا وجب رد مثله اجماعا وإن لم يكن مثليا فإن كان مما ينضبط بالوصف وهو ما يصح السلف فيه كالحيوان أو الثياب فالأقرب أنه يضمن بمثله من حيث الصورة، لأن النبي صلى الله عليه وآله استقرض بكرا إلى آخر ما سمعت، وهو قول أكثر الشافعية، وقال بعضهم إنه يعتبر في القرض بقيمته، لأنه لا مثل له فإذا استقرضه ضمنه بقيمته كالاتلاف. إلى أن قال بعد أن فرق بين القرض والاتلاف: وأما ما لا يضبط بالوصف كالجواهر والقسي وما لا يجوز السلف فيه تثبت قيمته، وهو أحد قولي الشافعية.
نعم قد يظهر من المصنف فيما يأتي عدم جواز قرض مثل ذلك، وبه يحصل الفرق بينهما، وعلى كل حال فقد يناقش فيه بأنه إن كان المنشأ في ضمان المثل قصد المتعاقدين فمع أنه ممنوع يمكن خروج ذلك عن النزاع، إذ قد عرفت احتمال جوازه