فأما صلاة شدة الخوف فيكون في حال المسايفة والمعانقة، ويصلي إيماء كيف أمكنه مستقبل القبلة وغير مستقبل القبلة راكبا كان أو ماشيا، وعلى كل حال غير أنه يستقبل القبلة بتكبيرة الإحرام، وإن أمكنه أن يسجد على قربوس السرج فعل، وإن لم يمكنه وصلى إيماء جعل سجوده أخفض من ركوعه في جميع الأحوال، وعند المطاعنة والمضاربة، ولا إعادة عليه، ولا يجوز له تأخير الصلاة حتى يخرج الوقت، وإن أخرها إلى آخر الوقت كان جايزا، ومتى زاد الخوف ولا يمكنه الإيماء أيضا أجزأه عن كل ركعة تسبيحة واحدة، وهي سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر كما فعل أمير المؤمنين عليه السلام ليلة الهرير، ومتى صلى ركعة مع شدة الخوف.
ثم أمن نزل وصلى بقية صلاته على الأرض، وإن صلى على الأرض آمنا ركعة فلحقه شدة الخوف ركب فصلى بقية صلاته إيماء ما لم يستدبر القبلة في الحالتين، وإن استدبرها بطلت صلاته واستأنفها.
من رأى سوادا يظنه عدوا جاز له أن يصلي صلاة شدة الخوف إيماء ولا إعادة عليه سواء كان ما رآه صحيحا أو لم يكن كذلك لأنه لا دليل على وجوب الإعادة، ومتى كان بينهم وبين العدو خندق أو حايط وخافوا أن تشاغلوا بالصلاة أن يطموا الخندق أو ينقبوا الحايط جاز لهم أن يصلوا صلاة الخوف إيماء إذا ظنوا أنهم يطموا قبل أن يصلوا فإن ظنوا أنهم لا يطمون ولا ينقبون الحايط إلا بعد فراغهم من الصلاة لم يصلوا صلاة شدة الخوف ومتى رأوا العدو فصلوا صلاة شدة الخوف. ثم بأن لهم أن بينهم خندقا أو نهرا كبيرا لا يصلون إليهم لم تجب عليهم الإعادة، ومتى كان العدو في جهة القبلة، ويكونون في مستوى الأرض لا يسترهم شئ ولا يمكنهم أمر يخاف منه، ويكون في المسلمين كثرة لا يلزمهم صلاة الخوف ولا صلاة شدة الخوف، وإن صلوا كما صلى النبي صلى الله عليه وآله بعسفان جاز فإنه قام صلى الله عليه وآله مستقبل القبلة والمشركون أمامه فصف خلف رسول الله صلى الله عليه وآله صف، وصف بعد ذلك الصف صف آخر فركع رسول الله صلى الله عليه وآله وركعوا جميعا ثم سجد صلى الله عليه وآله وسجد الصف الذي يلونه، وقام الآخرون يحرسونه فلما سجد الأولون السجدتين وقاموا سجدوا الآخرون الذين كانوا خلفهم. ثم تأخر الصف الذي يلونه إلى مقام الآخرين