هذا لكن قد ينافيه ما ذكروه في باب الاقرار حق حكى بعضهم نسبته إلى الأصحاب، مشعرا بالاجماع عليه من أنه لو أقر بعض الورثة بوارث وكذبه شركاؤه أعطاه مما في يده ما زاد على نصيبه ولا يشاركه فيه، كما لو أقر أحد الأخوين بثالث لهما وكذبه أخوه الآخر وكان المال اثني عشر مثلا، أعطاه الاثنين مما في يده ويختص ما أخذه الآخر به، دون المقر مع أن قضية ما سمعته هنا أن يقتسما ما في يده النصف لأن مقتضى إقراره كونه معه على حد سواء، فيكون ما يحصل لهما وما يتلف عليهما، كما هو قاعدة الشركة، اللهم إلا أن يكون الفارق بين المقامين الدليل، ويقال: إن الموافق للضابطة ما في باب الاقرار بدعوى تنزيل المنكر تنزيل الغاصب القاصد غصب خصوص حصة الشريك المخصوص، بناء على قيامه حينئذ مقام المالك في القسمة مع الشريك لحديث الضرار (1) والسيرة وغيرها على معنى أن المالك في هذا الحال له إفراز ملكه عن ملك شريكه، كما كان له ذلك في المال الزكوي ونحوه، وحينئذ فيكون ما هنا بناء على معلومية كون الحكم فيه ما سمعت خارجا عن الضابطة، للدليل من اجماع أو غيره، أو يقال أن المأخوذ في الأول قد كان بسبب شرعي يعم الشريكين وهو اليد، بخلاف الثاني فإنه قد أخذ بسبب يختص الأخ المنكر وهو إقراره بأخوة من أنكره، وذلك أمر يخص الأخ المنكر دون الآخر المقر الذي قد اعترف الثلاثة بأخوته، ولم ينقص المال بسبب شرعي يعمه، بل كان ذلك بأمر يخص خصوص المتخاصمين، وهو الاقرار من أحدهما بالآخر وإنكار الآخر إياه فتأمل جيدا، فإنه دقيق وتمام الكلام يأتي في محله إنشاء الله.
(٣١٨)