لأمر آخر، ولا ينافي ذلك عده من لغو الحديث وقول الزور ونحوها، مما يمكن كون المراد منه أنه كذلك باعتبار هذه الكيفية الخاصة، كما أنه لا ينافيه أيضا خبر علي بن جعفر (1) عن أخيه المروي عن قرب الإسناد (سألت عن الغناء هل يصلح في الفطر والأضحى قال: لا بأس به ما لم يعص به) إذ هو مع وضوح قصوره عن معارضة غيره من وجوه، ورواه علي بن جعفر (2) في المحكي عن كتابه بابدال ما لم يعص به بما لم يزمر به، فهو كالمضطرب محمول على التقية أو على إرادة خصوص العرس في اليومين أو على إرادة التغني بالشعر على وجه لا يصل إلى حد الغناء، فيكون ذلك هو المراد من قوله ما لم يعص به، أو غير ذلك مما هو خير من الطرح الذي لا بأس بالتزامه إذا أبيت الحمل وكذلك غيره من النصوص التي قد يشم منها اختصاص حرمة الغناء بالمقترن بالعود ونحوه لا مطلقا، وذلك لقوة المعارض على وجه لا يصلح ذلك ونحوه لمعارضته، ودعوى أن ظاهر كلام الشيخ في الاستبصار ذلك أيضا يدفعها، ملاحظة كلامه فيه وفي غيره، ومن هنا كان الاطناب في إفساد ذلك من تضييع العمر بما لا ينبغي.
إنما الكلام في موضعه ففي جملة من كتب الأصحاب أنه مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب، بل ربما قيل إنه المشهور وفي القاموس غناء ككساء من الصوت ما طرب به، وفي شهادات القواعد وبعض كتب اللغة ترجيع الصوت ومده، وعن الشافعي أنه تحسين الصوت وترقيقه، وفي محكي النهاية أن كل من رفع صوتا ووالاه فصوته عند العرب غناء، وعن السرائر والإيضاح أنه الصوت المطرب، وعن