في وجوب اجتناب الجميع، للنص على ذلك.
وقد يستفاد من استناده إلى النص اختصاص الجائر بهذا الحكم، وعن ابن إدريس أنه قال: إذا كان يعلم أن فيها شيئا مغصوبا إلا أنه غير متميز العين بل هو مخلوط في غيره من أمواله أو غلاته التي يأخذها على جهة الخراج فلا بأس بشرائه منه، وقبول صلته لأنها صارت بمنزلة المستهلكة، لأنه غير قادر على ردها، قيل ونحو ذلك عبارة النهاية وأحسن ما ينزل عليه كلامهما إرادة عدم وجوب الاجتناب، لعدم جريان حكم الشبهة المحصورة فيه، فيرجع حينئذ إلى الاحتمال الأول، الذي قد يؤيد مضافا إلى اطلاق النص والفتوى ومعقد الاجماع والسيرة بأنه لا مدخلية للدفع ونحوه في الإباحة، إذ ليس هو إلا لحمل فعل المسلم على الوجه الصحيح، وهو جار في غيره من الأموال التي تحت يده المشتركة جميعا في تصرفه بها تصرف الملاك في أملاكهم، على أنه قد يفرض دفعه فيما يعلم كونه على وجه محرم، لدوران المدفوع بين كونه من الخراج الذي يحل لنا تناوله منه وإن أثم هو بدفعه، وبين كونه من مظالمه التي ظلم بها العباد، مع اندراجه في النص والفتوى وغيرهما مما دل على حلية جوازه وما في يده، فلا مناص حينئذ عن القول بجريان حكم الأملاك على جميع ما في يده وإن علم فيها محرم حتى يعلم الحرام منه بعينه فيدعه، وأنه كالمشتبه غير المحصور في ذلك، من غير فرق بين المقاصة وغيرها، كما أنه لا فرق بين الجائر وغيره من ذي المال المختلط لما عرفته من اتحاد المدرك في الجميع.
نعم قد يفرق بين الجائر وغيره باختصاصه بجواز الآخذ منه وإن علم اختلاط ماله اختلاطا موجبا للاجتناب في غيره، وإخراج الخمس لو أريد تحليله، وذلك لما عرفته من الأدلة بخصوصه على جواز التناول