قولهم لو سأل لوقع الجواب.
قلنا: جواب الجدران والبهائم ثم غير واقع على وفق الاختيار في عموم الأوقات، بل إن وقع، فإنما يقع بتقدير تحدي النبي عليه السلام به. ولم يكن كذلك فيما نحن فيه فلا يمكن الاعتماد عليه. ثم وإن أمكن تخيل ما قالوه مع بعده، فبماذا يعتذر عن قوله تعالى: * (تجري من تحتها الأنهار) * (2) البقرة: 25) والأنهار غير جارية، وعن قوله تعالى: * (واشتعل الرأس شيبا) * (19) مريم: 4) وهو غير مشتعل، وعن قوله تعالى: * (واخفض لهما جناح الذل) * (17) الاسراء: 24) والذل لا جناح له، وقوله تعالى: * (الحج أشهر معلومات) * (2) البقرة: 197) والأشهر ليست هي الحج، وإنما هي طرف لافعال الحج، وقوله تعالى: * (لهدمت صوامع وبيع وصلوات) * (22) الحج: 40) والصلوات لا تهدم، وقوله: * (أو جاء أحد منكم من الغائط) * (4) النساء: 43) وقوله: * (الله نور السماوات والأرض) * (24) النور: 35) وقوله: * (فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) * (2) البقرة: 194) والقصاص ليس بعدوان، وقوله: * (وجزاء سيئة سيئة مثلها) * (42) الشورى: 40) وقوله: * (الله يستهزئ بهم) * (2) البقرة: 15)، * (ويمكرون ويمكر الله) * (8) الأنفال: 30)، وقوله: * (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله) * (5) المائدة: 64)، وقوله تعالى: * (أحاط بهم سرادقها) * (18) الكهف: 29) إلى ما لا يحصى ذكره من المجازات.
وعن المعارضة الأولى بمنع كون المجاز كذبا، فإنه إنما يكون كذبا أن لو أثبت ذلك حقيقة لا مجازا، كيف وإن الكذب مستقبح عند العقلاء، بخلاف الاستعارة والتجوز، فإنه عندهم من المستحسنات.
قولهم: إنه من ركيك الكلام، ليس كذلك، بل ربما كان المجاز أفصح وأقرب إلى تحصيل مقاصد المتكلم البليغ على ما سبق وعن الثانية، بمنع ما ذكروه من اشتراط المصير إلى المجاز بالعجز عن الحقيقة، بل إنما يصار إليه مع القدرة على الحقيقة لما ذكرناه من المقاصد فيما تقدم.
وعن الثالثة، أنها مبنية على القول بالتقبيح العقلي، وقد أبطلناه،