فإن قيل: لو كان في لغة العرب لفظ مجازي، فأما أن يفيد معناه بقرينة، أو لا بقرينة. فإن كان الأول، فهو مع القرينة لا يحتمل غير ذلك المعنى، فكان مع القرينة حقيقة في ذلك المعنى. وإن كان الثاني، فهو أيضا حقيقة، إذا لا معنى للحقيقة إلا ما يكون مستقلا بالإفادة من غير قرينة.
وأيضا فإنه ما من صورة من الصور، إلا ويمكن أن يعبر عنها باللفظ الحقيقي الخاص بها. فاستعمال اللفظ المجازي فيها، مع افتقاره إلى القرينة من غير حاجة، بعيد عن أهل الحكمة والبلاغة في وضعهم.
قلنا: جواب الأول، أن المجاز لا يفيد عند عدم الشهرة إلا بقرينة، ولا معنى للمجاز سوى هذا. والنزاع في ذلك لفظي، كيف وإن المجاز والحقيقة من صفات الألفاظ دون القرائن المعنوية، فلا تكون الحقيقة صفة للمجموع.
وجواب الثاني، أن الفائدة في استعمال اللفظ المجازي، دون الحقيقة، قد تكون لاختصاصه بالخفة على اللسان، أو لمساعدته في وزن الكلام نظما ونثرا، والمطابقة، والمجانسة، والسجع، وقصد التعظيم، والعدول عن الحقيقي للتحقير، إلى غير ذلك من المقاصد المطلوبة في الكلام.