وإلا كان إجماعهم على تجويز الاخذ بالخطإ، وهو محال.
وعن السؤال الثاني أنه لو جوز مثل هذا الاشتراط في إجماعهم على مثل هذا الحكم، مع أن الأمة أطلقوا ولم يشترطوا، لساغ مثل ذلك في كل إجماع، ولساغ أن تتفق الأمة على قول واحد، ومن بعدهم على خلافه، لجواز أن يكون إجماعهم مشروطا بأن لا يظهر إجماع مخالف له، بل ولجاز للواحد من المجتهدين من بعدهم المخالفة، لما قيل من الشرط، وهو محال لان الاجماع منعقد على أن كل من خالف الاجماع المطلق الذي لم يظهر فيه ما ذكروه من الشرط فهو مخطئ آثم، وبه إبطال ما صار إليه أبو عبد الله البصري من جواز انعقاد الاجماع على خلاف الاجماع السابق.
وعن السؤال الثالث أن إجماع أهل العصر الثاني، لم يكن محالا لنفس إجماعهم على أحد القولين، بل لما يستلزمه من امتناع الاخذ بالقول الآخر.
وعن السؤال الرابع أن الاتفاق فيما ذكروه من مسألة الدفن والإمامة وقتال مانعي الزكاة لم يكن بعد استقرار الخلاف فيما بينهم واستمرار كل واحد من المجتهدين على الجزم بما ذهب إليه، بل إنما كان ذلك الخلاف على طريق المشورة، كما جرت به العادة في حالة البحث عما ينبغي أن يعمل بين العقلاء بخلاف ما وقع النزاع فيه.
سلمنا أنه كان ذلك الاتفاق بعد استقرار الخلاف، غير أنه اتفاق من المختلفين بأعيانهم، ومن شرط في الاجماع انقراض عصر المجتهدين، لم يمنع من رجوعهم أو رجوع بعضهم عما أجمعوا عليه، والخلاف معه إنما يتصور في المجمعين. على خلافهم بعد انقراض عصر الأولين. غير أن الجواب الأول هو المختار.